84

ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاف في البيت سبعا متمكنا، ثم أتى المقام فصلى، ثم وقف على الحلق

30

واحدة واحدة يقول لهم: شاهت الوجوه!

31

لا يرغم الله إلا هذه المعاطس!

32

من أراد أن يثكل أمه، أو يوتم ولده، أو يرمل زوجته؛

33

فليلقني وراء هذا الوادي.»

لقد كان له في تحديه هذا لقريش عدتان: شجاعته وعدله، فما كانت شجاعته في هذا التحدي بأظهر من عدله، ولا كان عدله فيه بأظهر من شجاعته؛ إذ الشجاع الحق مطبوع على الأنفة من الظلم؛ لأنه شديد الإحساس بذله، ومن كان شديد الإحساس بذل الظلم، فهو شديد الإحساس بعزة العدل من طريق واحد، وقلما أغضب العادل الشجاع شيء كاستطالة الظالم وظنه أن المظلوم لا يستطيل عليه، فذلك هو التحدي الذي يثير الشجاعة، ويثير النقمة على الظلم، أو يثير حب العدل في وقت واحد، وإن الموت لأهون من الصبر على هذا التحدي المرذول، وهذا الصلف القبيح. وما الشجاعة إن لم تكن هي الجرأة على الموت كلما وجب الاجتراء عليه؟ وأي امرئ أولى بالجرأة من الشجاع الذي يعلم أن الحق بين يديه؟ ألسنا على الحق إن حيينا وإن متنا؟ فعلى الحق إذن فلنمت، ولا نعيش على الباطن، فالباطل كريه والجبن كريه، وذانك ملتقى العدل والشجاعة في قلب العادل الشجاع.

Shafi da ba'a sani ba