Hikimar Gyaran da Ilmantarwa: Imam Muhammad Abduh
عبقري الإصلاح والتعليم: الإمام محمد عبده
Nau'ikan
على هذه الحالة كان الجامع الأزهر حين وصل الشاب محمد عبده إلى القاهرة لينتظم في سلك طلابه.
المفروض فيه بحكم الشهرة الموروثة أنه جامعة عالمية تزود طلابها بكل ما وسعته العقول البشرية من معارف الماضي والحاضر، وعلوم الدين والدنيا.
والحقيقة الواقعة أن دروسه يومئذ كانت مقصورة على قشور من علوم الفقه واللغة يتلقاها الطالب عن أستاذه، ويعول في تحصيلها على حفظ الذاكرة، وقلما يطالبه أحد من أساتذته أو يطالب هو نفسه بوعيها والتصرف في لفظها ومعناها.
وكان التعليم والتعلم كلاهما فوضى مهملة لا رقابة عليها لأحد، فلما دعا الأمر إلى اختيار طائفة من خريجي الأزهر لوظائف القضاء والتعليم، رسمت لهم شروط الامتحان ودرجات الإجازة على مثال الشهادات المدرسية التي كانت ترشح الحاصلين عليها من خريجي المدارس العصرية لوظائف الدولة.
وقد كان الراغبون في تغيير هذه الحالة غير قليلين، ولكنهم كانوا لا يملكون سلطة التغيير، أو يملكونها ويؤثرون أن يتمهلوا حتى يجيء طلب التغيير من أهله؛ تجنبا لإثارة الشبهات بابتداع البدع واتباع دعاة الزندقة - أو الفرنجة - في أمر المعهد الأكبر من معاهد الدين.
الفصل الرابع
محلة نصر
ولد أستاذنا الإمام بحصة شبشير من قرى إقليم الغربية، ولكنه نشأ بقرية «محلة نصر» من قرى مركز شبراخيت بإقليم البحيرة، حيث نشأ والده ونشأت أسرته من قبله.
وقرية «محلة نصر» هذه إحدى القرى الصغيرة في أقاليم الريف، ولكنها - على صغرها - كانت من تلك القرى التي يصح أن يقال فيها إنها موصولة التاريخ بتاريخ القطر كله، ذات كيان اجتماعي مكين، تتمثل فيه أحداث العهود ويحس أهله فيه طوارئ الزمن من عهد إلى عهد، بل من ولاية إلى ولاية؛ لأنهم يعيشون في ظل كيان غير منقطع عن مجرى الحوادث الكبرى في الإقليم، وفيما حول الإقليم من ميادين الحياة في أنحاء البلاد.
ولا يخطرن لنا أن هذا شأن عام مشترك بين جميع القرى في هذه الأنحاء، فإن من هذه القرى ما يبلغ من عزلته أن يتغير الوالي في القطر كله ولا يدركون تغيره بعمل ظاهر في القرية، بل منها ما يعم الوباء وينتشر بين أقاليم شتى، ولا يصل إليها، لقيام العلاقة بينها وبين ما حولها على المعاملات البعيدة، وقد تكون منها معاملات «حولية» تعود مع المواسم والمحاصيل، ولا تخرج من نطاقها المحدود بقية أيام الحول.
Shafi da ba'a sani ba