فصاح الأمير عبد الله: «كتب الفلسفة؟! تعني أن أخي يقرأ هذه الكتب؟ معاذ الله! وإذا فرض أنه يقرؤها فما علينا إلا النصيحة له بأن يتركها.»
فابتسم الفقيه ابتسامة مصطنعة وقال: «ننصحه؟! هل تظن أنه يقبل النصح؟! فلنتركه عساه يهتدي!»
وشعر الفقيه أنه فشل في وشايته بالحكم، ولم يجد في نفسه قوة على الإقناع، وكانت الشمس قد توارت وراء الأفق وأقبل الظلام، ولم يشعر الفقيه بذلك إلا حين رأى أحد الخدم قد دخل وبيده مسرجة أضاء مسراجها، ووضعها على مقعد في أحد جوانب القاعة، فتذكر الفقيه سعيدا الوراق، وما سمع من تعريضه بالأمر الذي باحث الأمير عبد الله فيه، فأجل الخوض في الموضوع ريثما يأتي، وكان على موعد من مجيئه في تلك الساعة.
الفصل التاسع عشر
سعيد وعبد الله
وبينما هما في ذلك، إذ جاء الحاجب يقول: «إن سعيدا الوراق بالباب يا سيدي.»
فالتفت الأمير عبد الله إلى الفقيه ابن عبد البر كأنه يستفسر منه عن سبب مجيئه، فقال الفقيه: «أظنه قد جاء بالكتاب الذي أخبرت مولانا عنه.»
فقطع الأمير عبد الله كلام الفقيه قائلا: «كتاب «العقد الفريد»! مرحبا بكل قادم علينا بمثل هذه التحف.»
فخرج الحاجب، ثم عاد ورفع الستارة عن الباب حتى دخل سعيد، وقد أبرقت عيناه وتجلت الهيبة على محياه، فحيا ووقف، فدعاه الأمير عبد الله إلى الجلوس، فجلس على وسادة وهو لا يحمل شيئا.
فقال الأمير عبد الله: «أنت سعيد الوراق؟ أظنني رأيتك قبل الآن! مرحبا بك. أين كتاب «العقد الفريد»؟»
Shafi da ba'a sani ba