قال سعيد : «مهما عاشرته فإنك لا تعرف عنه ما أعرفه أنا؛ فإنه يستحي أن يعرف الناس - وخاصة الفقهاء - أنه يطالع الفلسفة، فتضعف ثقتهم بدينه.»
فبغت الفقيه وقال: «يطالع كتب الفلاسفة؟! نعوذ بالله من خليفة فيلسوف! إن الخلفاء يقاومون الفلاسفة ويضطهدونهم خوفا على عقائد الناس، فكيف يكون الخليفة نفسه من أهلها؟!»
فتجاهل سعيد ما كان من أثر ذلك الخبر في نفس الفقيه، وأظهر أنه قد آن له أن يفارقه، وكان الفقيه أكثر رغبة في الفراق لأمر خطر له، يريد أن يسعى إليه.
وكانا قد خرجا من القصر وسارا حتى وصلا إلى باب السطح حيث تركا البغلتين، فقال الفقيه: «سنفترق الآن. لا تحزن يا صاحبي، إن الزمان يدور، وسوف يعلم الحكم وأبوه ...» وسكت، وتظاهر سعيد بالتجاهل، وقال: «متي أتقدم بكتاب «العقد الفريد» إلى الأمير عبد الله؟»
قال الفقيه: «بعد يومين. هل تعرف منزله؟»
قال سعيد: «أين هو؟»
قال الفقيه: «في قصر مروان خارج قرطبة بالأرباض.»
قال سعيد: «عرفته. أستودعك الله.»
قال الفقيه: «سنتكلم فيما بعد. لا تنس أن تحضر معك عابدة لأني كلمت الأمير بشأنها، وهو يريد أن يراها.»
قال سعيد: «سمعا وطاعة.» وركب بغلته وتوجه إلى منزله.
Shafi da ba'a sani ba