213

Abdulrahman Nasir

عبد الرحمن الناصر

Nau'ikan

قالت عابدة: «أخشى أن تعرفني»، قالت ذلك وأزاحت اللثام.

فلما وقع نظره عليها عرفها فصاح: «عابدة! أين سعيد؟ ماذا أرى؟»

قالت عابدة: «لا تخف يا سالم. أما وقد عرفتني فلم يبق باعث على الحذر، وعما قليل ترى سعيدا وهو يقص عليك خبرا جديدا.»

وكان سالم قد خرج وعليه عباءة وتحتها السيف والخنجر، وكان طويل القامة عظيم الهيبة جميل الخلقة، يكاد الشرر يتطاير من عينيه، لا يهاب عشر رجال إذا لقيهم وحده، وقد تعود الضرب والطعن، فلما سمع قول عابدة وهو يعلم منزلتها عند سعيد ويعرف غيرتها على أحزابه، مشى معها حتى وصلا إلى باب البستان ، وكانت الزهراء قد اختبأت في إحدى الغرف ريثما يقابل أخوها سعيدا ويمهد السبيل للتعارف.

فمشت عابدة بين يدي سالم في البستان، ومشى هو في أثرها مشية البطل الباسل، لا يبالي بما هناك من الخيول حتى وصل إلى باب البيت فسبقته عابدة إلى سعيد وأنبأته بمجيئه، وكلفته بأن يخاطبه ليستأنس به لئلا يشك في الأمر، فصاح من الداخل: «سالم!»

فلما سمع صوته وثب إليه وهو يقول: «لبيك يا سيدي»، وما عتم أن رآه موثقا على تلك الصورة حتى صاح: «ماذا أرى؟» واستل سيفه وقال: «تفديك روحي، من أوثقك؟»

فأجابه سعيد بهدوء وسكينة: «تمهل يا بني، نحن في حال آخر، أنا أوثقت نفسي، وإنما دعوتك لأعترف لك أني خدعتك.»

فاستغرب سالم قوله وقال: «خدعتني! معاذ الله.»

قال وهو يغص بريقه: «نعم خدعتك وخدعت آخرين، ما لنا ولذلك! أحب أن أنصحك نصيحة الوالد، اعلم يا سالم أن المشروع الذي قمنا من أجله قد فشل، ولعلك عرفت ذلك من مقتل الأمير عبد الله ورفيقه لأنهم اتهموا بالانتماء إلينا، والصواب الآن هو الرجوع عن هذا الأمر.»

فصاح: «نرجع عنه؟ أنا لا أرجع؛ خصوصا بعد أن جاهر ذلك الخليفة برغبته في القصاص مني، فقد بلغني أنه كتب ذلك على اللوح الذي أعلن فيه تنفيذ حكم الإعدام.»

Shafi da ba'a sani ba