211

Abdulrahman Nasir

عبد الرحمن الناصر

Nau'ikan

وسكت هنيهة ثم قال: «ماذا فعلت بالناصر؟ هل أصابه سوء؟»

قالت عابدة : «لا؛ لأني لم أستطع تنفيذ أمرك.»

فتنهد تنهدا عميقا وقال: «الحمد لله، أشعر الآن يا عابدة كأني صحوت من نوم أو أفقت من إغماء، فإذا كنت قد تعمدت نجاة الخليفة فإن لك الشكر.»

قالت عابدة: «الحق يقال إني لم أتعمد ذلك قط.» وقصت عليه ما وقع باختصار، ثم قالت: «لعل الخليفة إذا تأكد من رجوعك وتوبتك يعفو عنك ليستفيد من علمك ودهائك.»

فهز رأسه هزة الإنكار والاشمئزاز وقال: «لا، لا أحب البقاء بعد الآن؛ لأن نفسي لا ترضى بأقل من منصب الملك أو الخلافة. أما وقد تعذر ذلك فالقبر أولى، وقد خدعتك وخدعت سواك، وفتكت وغدرت رغبة في ذلك المطمع فأسقط في يدي، والآن هل أستطيع أن أخدمك في شيء تريدينه.»

قالت عابدة: «لا أريد شيئا. سوى أن الزهراء، وهذه قد لحقها منك عذاب شديد (فصر على أسنانه عند سماع اسمها) فإذا كنت تشعر بذلك، فأكرمها بإيصال أخيها إليها، وأنا أعرف مكانه، ولكنني أعلم أنه لا يصدق سواك ولا يثق بغيرك، فأرسل إليه علامة منك أو كتابا كي يحضر إلى هنا، ومتى جاء كنت وسيلة في تعريفه إلى أخته، وهذه تكفر عن كل سيئاتك معها.»

قال سعيد: «أفعل ذلك. مدي يدك إلى هذا الخاتم، تناوليه من أصبعي، واذهبي إلى المنزل الذي تعرفينه واطلبي سالما، ولا تسمه صاحب النقمة، فمتى جاءك فأعطه هذا الخاتم واسأليه ما شئت.»

فمدت يدها وأخرجت الخاتم من يده، وأحست وهي تخرجه ببرودة أطرافه فتجاهلت.

ولما أرادت الخروج ناداها فعادت، فقال لها: «أنت تعلمين أن القوم الذين أغريناهم على الثورة لا يزالون يجتمعون هناك، وتعلمين أن الذنب في ذلك ذنبي أنا، فهؤلاء لا تزال الدولة تعدهم أعداءها، فإذا عرفت مكانهم فربما فتك الجنود بهم، فتزيدين ذنبا آخر إلى ذنوبي. لذلك ينبغي أن تذهبي أنت وحدك وتحتفظي بهذا السر، وتأتيني بصاحب النقمة وحده وأنا أرشده إلى الحقيقة، وهذا المفتاح في جيبي لتفتحي به الباب الخارجي، وهو يعود فيحل تلك الجمعية ولا يعرف أحد بها، ولا تجدين الآن منهم أحدا هناك كما تعلمين.»

قالت: «حسنا»، وأخرجت المفتاح ورجعت إلى الزهراء وقالت لها: «هذه هي العلامة، سأذهب بها لآتيكم بسالم، ومتى جاء فإن سعيدا يتمم التعارف.»

Shafi da ba'a sani ba