191

Abdulrahman Nasir

عبد الرحمن الناصر

Nau'ikan

فقالت عابدة: «نعم.»

قال سعيد: «فهمت؟ إن هذه الأوراق منوما لا يقظة لنا بدونه.»

فرفعت بصرها إلى فمه ولم تجسر على أن تنظر في عينيه وقالت: «لم أفهم ما تريد يا سيدي.»

قال سعيد: «ألا تذكرين أني سألتك يوما ونحن في الأرباض إذا كنت تتحملين خطر القتل من أجل الحب؟»

قالت عابدة: «نعم، وأذكر أني قبلت أن أتحمل كل خطر، وأنا الآن أعترف بذلك وأفتخر به.»

قال سعيد: «اعلمي أن الخليفة يشكو من أرق وانقباض، وقد وصف له الطبيب من يسامره أو ينادمه بالغناء بألحان مطربة، وذكر الألحان التي استنبطها الفارابي للضحك والطرب، والخليفة يعرف أنك تحسنين هذه الألحان، فطلب إلي أن أدعوك إليه وأفهمك ما يلزم، فها أنا قلت لك.» وسكت.

فظلت ساكتة تنتظر تتمة الحديث ، فرأته قد شغل عنها بحك أنفه فقالت: «وما علاقة هذا بالخطر؟»

فنهض سعيد وقال: «لا علاقة بينهما، صدقت، دعي هذه الأوراق معي وقومي لمنادمة الخليفة. فإني أخاف أن يستولي عليك الضعف.»

قالت عابدة: «لا تخف من شيء، فإن أوامرك تبث في قوة وشجاعة.»

وكان يعلم أن أمره نافذ عندها ولو ضد إرادتها، وقد اختبر ذلك مرارا، فإذا أمرها وشدد أمره ونظر في عينيها وهي تنظر في عينيه استهواها، فتعمل ما تؤمر به حرفيا، وهو ما يعبر عنه علماء اليوم بالتنويم المغناطيسي، ولم يكن تعليله معروفا في ذلك العصر أو ربما عبروا عنه بالسحر، فلما قالت له ذلك أمسك يدها بين يديه وحدق في عينيها، وأمرها أن تنظر في عينيه ففعلت، فدفع إليها الورقتين وقال لها: «إني آمرك أن تسقي ما في هذه الورقة للخليفة الناصر في هذا اليوم.»

Shafi da ba'a sani ba