الفصل الثالث والخمسون
ماذا وجدت؟
وفي الصباح جاء ياسر يدعو سعيدا إلى الناصر، فنهض ومعه كتاب التنجيم وياسر يحرضه على الإيقاع بالزهراء، فمضى حتى دخل على الخليفة وهو لا يزال في فراشه، فدعاه إلى الجلوس، فجلس وهو يتجاهل، فقال له الناصر: «هل علمت جاريتنا الزهراء شيئا؟»
قال سعيد: «كلا يا مولاي؛ لأني لم أجدها في غرفتها بالأمس.»
فقال الناصر: «ألم يدلك تنجيمك على سبب غيابها؟»
قال سعيد: «لم أبحث عن سبب ذلك، ولو أمرتني لفعلت.»
فأخرج الكتاب وأخذ يقلب فيه ويتأمل في بعض سطوره، كأنه يحسب ويستخرج، والناصر ينتظر ما يقول، فلما أبطأ في الكلام قال له: «ماذا وجدت؟»
قال سعيد: «يأمر مولاي بمبخرة؟»
فصفق وأمر له بما أراد، فجيء إليه بمبخرة من ذهب فيها جمرة، فأخرج من جيبه قطعة من البخور، ووضعها في المبخرة وجعل يتفرس في الدخان المتصاعد منها، ثم ترك الكتاب وجعل يده على حاجبه كأنه يستظل بها من الشمس، وهو ينظر إلى الدخان ويقول: «ماذا أرى؟ أليس هذا هو الأمير عبد الله؟»
فلما سمع الناصر قوله تيقن من قدرته على استطلاع الغيب، وظل ساكتا ليرى ما يبدو منه، فأنزل سعيد يده وأعاد التفرس في الدخان وهو يتصاعد من المبخرة إلى السقف وقال: «بلى، هذا هو الأمير عبد الله ابن أمير المؤمنين في الحديقة والزهراء إلى جانبه، هذا يا سيدي ما أراه. ولا أدري إذا كان البخور يخدعني.»
Shafi da ba'a sani ba