Cabd Rahman Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Nau'ikan
ويستند في كل قاعدة من هذه القواعد إلى مراجعه التاريخية كما يستند إلى مقتضيات الضرورة العملية في أحوال العالم الحديث.
فهو يقرر من تحصيله التاريخي أن خلافة بني عثمان لم تنعقد بها بيعة من حكومات المسلمين ولا من رعاياها، فلا يقبلها ملوك إيران والمغرب وأئمة الجزيرة العربية الذين لم يخضعوا لسيادة الدولة التركية، ولا يذكرها المسلمون في صلاة الجمعة إلا حيث يدينون لتلك السيادة في أوضاعهم السياسية، ولم يحدث قبل السلطان محمود العثماني أن تلقب أحد من سلاطين القسطنطينية بلقب الخلافة وإمارة المؤمنين ؛ «إذ صار بعض وزرائه يخاطبونه بذلك أحيانا تفننا في الإجلال وغلوا في التعظيم، ثم توسع استعمال هذه الألقاب في عهد ابنيه وحفيديه إلى أن بلغ ما بلغه اليوم بسعي أولئك الغشاشين الذين يدفعون ويقودون حضرة السلطان الحالي للتنازل عن حقوق راسخة سلطانية لأجل عنوان خلافة وهمية مقيد في وضعها بشرائط ثقيلة لا تلائم أحوال الملك، معرضة بطبعها للقلقلة والانتزاع والخطر العظيم ...»
ويرى من تحقيقه التاريخي أن ساسة الترك لا يقصدون «غير التلاعب السياسي وقيادة الناس إلى سياستهم بسهولة، وإرهاب أوروبة باسم الخلافة واسم الرأي العام ...»
قال بعد أن بين أن مآرب الملك غلبت في تاريخ الدولة العثمانية على واجبات الخلافة كما تمليها مصالح الأمم الإسلامية على من يستطيع رعايتها: «إني أذكر لك أنموذجا من أعمال لهم أتوها رعاية للملك وإن كانت مصادمة للدين ... فهذا السلطان محمد الفاتح - وهو أفضل آل عثمان - قد قدم الملك على الدين فاتفق سرا مع فرديناند ملك الأراغون الإسبانيولي ثم مع زوجته إيزابيلا على تمكينهما من إزالة ملك بني الأحمر آخر الدول العربية في الأندلس ... مقابلة ما قامت لديه روما من خذلان الإمبراطورية الشرقية عند مهاجمة مكدونيا ثم القسطنطينية، وهذا السلطان سليم غدر بآل العباس واستقصاهم، حتى إنه قتل الأمهات لأجل الأجنة، وبينما كان هو يقتل العرب في الشرق كان الإسبانيون يحرقون بقيتهم في الأندلس، وهذا السلطان سليمان ضايق إيران حتى ألجأهم إلى إعلان الرفض ... ثم لم يقبل العثمانيون تكليف نادر شاه لرفع التفرقة بمجرد تصديق مذهب الإمام جعفر، كما لم يقبلوا من «أشرف» خان الأفغان اقتسام فارس؛ كي لا يجاورهم ملك سني، وقد سعوا في انقراض خمس عشرة دولة وحكومة إسلامية ... وأعانوا الروس على التتار المسلمين وهولاندة على الجاوة والهنديين، وتعاقبوا على تدويخ اليمن ... وباغت العسكر العثماني المسلمين مرة في صنعاء والزبيد وهم في صلاة العيد ...»
قال: «أليس الترك قد تركوا الأندلس مبادلة وتركوا الهند مساهمة وتركوا الممالك الجسيمة الآسيوية للروسيين، وتركوا قارة أفريقيا الإسلامية للطامعين وتركوا المداخلة في الصين كأنهم الأبعدون.»
ولم يشأ الكواكبي أن يفرق بين ضرورات الواقع وبين دواعي الاختيار في هذه الأعمال ؛ لأنه نظر إلى النتيجة التي يقيم عليها حجته، وهي فشل التصدي لواجبات الخلافة مع قيود الملك ومأزق السياسة وصعوبة الوحدة الجامعة بين دول الإسلام. •••
وإذا كان انفصال الخلافة عن الدولة ضرورة قاسرة ومصلحة مختارة فليس أولى بالخلافة من الأمة العربية ... وقد تبسط الكواكبي في سرد الشروط والأسباب التي قضت أحوال الحكومات الإسلامية وشعوبها في عصره بملاحظتها، ولكن الغاية الجوهرية التي لا ترتبط بتلك الأحوال تتلخص فيما يلي: (1)
أن يكون الخليفة عربيا. (2)
وأن يكون اختياره بالانتخاب. (3)
وأن تكون وظيفته روحية. (4)
Shafi da ba'a sani ba