Cabd Rahman Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Nau'ikan
أربا واحدا أم ألف رب
أدين إذا تقسمت الأمور
تركت اللات والعزى جميعا
كذلك يفعل الرجل الخبير
فهو قارئ تقوده فطرته إلى مطالعاته ، وكاتب تسري إلى قلمه أساليب الموضوعات التي يطالعها ولا تصلح لأسلوب غيرها، وبخاصة حين يجري بها القلم في الصحف السيارة حيث كتب الكواكبي مقالاته الأولى ومقالاته الأخيرة التي اجتمع منها كتاب طبائع الاستبداد، وما كتبه أثناء ذلك في غير الصحف - كأم القرى - فإنما هو فصول متتابعة تصلح للنشر في الصحف الدورية على النحو الذي ظهرت به في الكتاب.
وكان الكواكبي رحالة مطبوعا على السياحة في الآفاق، ولم يكن قصاراه أنه رحالة على صفحات الأوراق، وقد طالع كتب المؤرخين والرحالين قبل أن يخرج من بلده للطواف في الأرض والكتابة للتاريخ، وباشر الرحلة في صفحات الكتب قبل أن يباشرها على متون الإبل والسفن في الصحارى والبحار، فمن قرأ ابن خلدون وابن جبير وابن بطوطة ثم قرأ مقالات الكواكبي خيل إليه أنهم قد بعثوا من مراقدهم في رحلة من رحلات العصور يكتبون ويسجلون ما شهدوه وكابدوه لأبناء العصر الحديث.
وقد اتسم أسلوبه بسمة الأسلوب الذي تكتب به التواريخ والرحلات، وسلست عبارته في نسق مرسل واضح يقرر الواقع ويتبع المشاهدة ويتبسط في وصف ما يراه بالفكر كما يتبسط في وصف ما يراه بالعيان.
ولا يخفى أن هؤلاء الكتاب - كما قدمنا - قد تخصصوا لتسجيل المشاهدات الاجتماعية والتاريخية، ولم يتخصصوا لمباحث اللغة والبيان، فليس من الغريب أن تتسرب إلى أقلامهم أخطاء الألسنة في زمانهم، وأن يتردد في عباراتهم بعض السهو الذي يتحرز منه اللغويون وكتاب الأدب، في مدرسة ابن المقفع والبديع والجاحظ وعبد الحميد، وشأن الكواكبي في ذلك قريب من شأن ابن خلدون وابن جبير؛ بل من شأن الغزالي وابن مسكويه وسائر أصحاب الأقلام التي لم تتفرغ للأدب واللغة وشغلتها دقة التعبير عن دقة الإعراب.
تقرأ له - مثلا - في تعريف الاستبداد: «إن الناظر في أحوال الأمم يرى أن الأمراء يعيشون متلاصقون متراكمون ... أما العشائر والأمم الحرة ... فيعيشون متفرقون.» أو تقرأ مثل قوله: «الأزواج الحمقاء» ... «ولا يخرج قط» ... «وقوانين لكافة الشئون» ... «وحياة النائم المزعوج بالأحلام».
1 «وعلى هذا النسق يوضع كتابا للمنهيات» ... «وإن هؤلاء الأئمة الأقدمين لا يقدروا أن يطلعوا على ما لا يقدر المتأخرون أن يطلعوا عليه» ... «ولا تتحقق في الإنسان إلا في فن واحد فقط يتولع فيه فيتقنه.»
Shafi da ba'a sani ba