Cabd Rahman Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Nau'ikan
كما يهتدي الحادي بنور الكواكب
وفي صحن المسجد في جهته الغربية عدة قبور لبني الكواكبي، وفي شرقيه حوض يجري إليه الماء من قناة حلب، ولهذا المسجد وقف قديم هو الآن ثلاثة حوانيت في سويقة علي، وله مخصصات من وقفي حسن أفندي ابن أحمد أفندي الكواكبي ووالده المذكور، ويوجد على يسرة الداخل للجامع حجرة لتعليم الأطفال، وفي جانبها صهريج سبيل يجري إليه الماء من قناة حلب، عمرته هبة الله بنت حسن أفندي المذكور، وهي أم حسن بك ابن مصطفى بك، وفي جانب المسجد من شرقيه مدرسة تعرف بمدرسة الكواكبي يصعد إليها بدريجات، وهي عامرة نيرة مشتملة على قبلة وحجرتين
1 ...»
ويقال إن السيد أبا يحيى عرف باسم الكواكبي؛ لأنه كان يعمل في الحدادة ويتقن صنع المسامير التي تسمى الكواكب لاستدارتها ولمعانها، فنسب إليها، ثم سلك مسلك المتصوفة فنبه فيها شأنه وتوافد عليه التلاميذ والمريدون ومنهم أمراء ورؤساء، كانوا يفدون إليه وهو في نسكه أو في ذكره، فلا يجسرون على التحدث إليه حتى يأذن لهم، لهيبته وورعه، وسميت طريقة آل الكواكبي بالطريقة الأردبيلية نسبة إلى أردبيل من أذربيجان، وهي البلدة التي ينتمي إليها صدر الدين وصفي الدين المتقدمان.
ومن أعلام الأسرة الذين ترجم لهم في كتاب «إعلام النبلاء» الشيخ «حسن أفندي ابن أحمد أفندي الكواكبي المتوفى سنة 1229 هجرية»، ترجمه العلامة عبد الرزاق البيطار الدمشقي في تاريخه «حلية البشر» فقال في وصفه: «هو كعبة الأدباء ونخبة العلماء، من اشتهر بالفضائل وشهد له السادة الأفاضل ... تولى منصب الإفتاء في مدينة حلب، وكان حسن الأخلاق كريم الطباع، وكان العلامة المرادي مفتى دمشق - لما كان في الحلب - يتردد عليه كثيرا، وامتدحه بعدة قصائد ... وترجمه الشيخ عبد الله العطائي في رسالته «الهمة القدسية» المدرجة بتمامها في ترجمته ... ومن آثاره كتاب سماه «النفائح واللوائح في غرر المحاسن والمدائح»، جمع فيه نظم والده وما مدح به من شعراء عصره وما مدح به أسلافه، وعقد لكل واحد من هؤلاء الشعراء ترجمة ...»
ومن هؤلاء الأعلام الشيخ أحمد الكواكبي الذي ولد سنة خمس وأربعين ومائتين وألف، وتوفي سنة ثلاثمائة وألف، وجاء في ترجمته أنه «تلقى العلوم النقلية والعقلية على أشياخ عصره في الشهباء ... وأخذ الطريقة الشاذلية عن الشيخ بكري البلباني، وكان شديد الصحبة للشيخ أبي بكر الهلالي يمضي معظم أوقات فراغه معه في الزاوية الهلالية، وأقرأ في المدرسة الكواكبية والمدرسة الشرقية وفي الجامع الأموي منذ وجهت إليه وجهة التدريس فيه سنة ثلاث وثمانين ومائتين، واشتهر بعلم الفرائض وتحرير الصكوك، واشتغل بأمانة الفتوى، وعين عضوا في مجلسي إدارة الولاية، وكان ربعة أسمر اللون نحيف الجسم أسود العينين، وخطه شيب في أواخر عمره، وكان رقيق الحاشية ظريف المحاضرة لا يمل منه جليسه، حسن الخلق جدا، وربما أوقفه ذو سؤال زمنا غير يسير وهو يستمع له ولا ينصرف حتى يكون السائل هو المنصرف، وكان وقورا مهيبا قنوعا متصلبا في دينه وقافا عند الحق.
وكان يعرف اللغة التركية؛ إذ كان يندر من يعرفها بحلب خصوصا من العلماء، وحدث مرة أن انحلت نيابة القضاء في حلب وتأخر قدوم النائب، فأراد الوالي إذ ذاك ألا تتراكم الأشغال في المحكمة الشرعية، فكلف رئيس الكتاب أن يتولى القضاء وكالة، فقال له: لا يجوز توكيل الوالي ولا ينفذ قضاء من يوكله. فقال له: أنا وكيل الخليفة فلي أن أوكل! فأبى عليه القبول، فتكدر منه وأخرجه من عنده، ثم إنه أراد تنفيذ مقصده فكلف المترجم إلى الوكالة، فأجابه إلى ذلك فسر جدا وكتب له في الحال منشورا بتوكيله إياه في القضاء، فذهب إلى المحكمة الشرعية، وصار الناس يتطلعون إلى صنيعه: كيف يوفق بين أمر الوالي والحكم الشرعي؟ فكان يسمع للخصمين ويضبط مقالهما، ثم يشير عليهما بالصلح ويريهما أحسن وجه للاتفاق ولا يزال يعظهما بالموعظة الحسنة حتى يتصالحا، فيكتب بينهما صكا، وقد حصل المطلوب من القضاء، وإذا أبى عليه خصمان عن المصالحة قال لهما: أتحكمانني بينكما؟ فيحكمانه، فيكتب صكا بتحكيمهما ثم يحكم بينهما، ويؤخر تسليم صك الحكم إلى حضور النائب، ثم لما حضر النائب أمضى كل ما تم من قبل المترجم وختم صكوكه.
وقد اكتسب شهرة عظيمة بهذا الصنيع، فكان من بعد ذلك وقفا على الإصلاح بين الناس، وربما حضر مجلسا للإصلاح بين خصمين، فوجد الذي دعاه غير محق، فكان لا يألو جهدا في نصحه وإرجاعه إلى طريق الحق، وإنما كان موفقا في ذلك؛ لأنه إنما كان يقصد وجه الله تعالى، وكان متوليا على جامع جده أبي يحيى وخطيبا وإماما فيه».
2
والشيخ أحمد الكواكبي هذا هو والد المترجم ومعلمه ومربيه ومورثه جملة صفاته وسجاياه، كما يرى من تفصيل سيرته في مواضعها.
Shafi da ba'a sani ba