فقال مسرور: «هو حاضر يا أمير المؤمنين.»
قال الرشيد: «فأتني به.»
ثم دعا الرشيد بجماعة من الغلمان وأمرهم أن يذهبوا مع مسرور إلى تلك الحجرة، ويحفروا فيها حفرة عميقة، وأومأ إلى مسرور بأن يقتل الغلامين ويدفنهما في تلك الحجرة. أومأ بذلك وهو يبكي بكاء شديدا، حتى ظن مسرور أنه رحمهما، ولا يلبث أن يعدل عن قتلهما، فإذا هو قد مسح عينيه ونهض، وأشار إلى مسرور بأن يمشي، فأطاعه ومضى بهما إلى تلك الحجرة، ثم عاد وأخبر الرشيد بأنه قتلهما ودفنهما هناك، وقتل الرجال الذين ساعدوه على ذلك.»
وأمر الرشيد منذ ذلك اليوم ألا يذكر البرامكة في مجلس، ولا يستعان بمن بقي منهم في شيء أبدا، فخرجوا على وجوههم هائمين في البلاد، شاردين متنكرين جائعين
1
عارين، وأصبح الناس يتحدثون بنكبتهم مثل حديثهم بثروتهم وسخائهم، وخلا الجو لأعدائهم، فنالوا ما تمنوه من التنكيل بهم، وتولوا مصالح الدولة بعدهم، ولا سيما الفضل بن الربيع؛ فإنه تقلد الوزارة، وصار إليه الأمر؛ فسبحان مغير الأحوال.
Shafi da ba'a sani ba