عبث الأقدار
عبث الأقدار
عبث الأقدار
عبث الأقدار
تأليف
نجيب محفوظ
عبث الأقدار
1
جلس صاحب العظمة الإلهية والهيبة الربانية خوفو بن خنوم على أريكته الذهبية، بشرفة مخدعه التي تطل على حديقة قصره المترامية الغناء - جنة منف الخالدة ذات الأسوار البيضاء - بين رهط من أبنائه وخاصته المقربين، وكانت عباءته الحريرية تلمع حاشيتها الذهبية تحت أشعة الشمس التي بدأت برحلتها نحو الغرب، وكانت جلسته هادئة وديعة، فكان يسلم ظهره إلى وسادة محشوة بريش النعام، ويتكئ بمرفقه على نمرقة ذات غطاء من الحرير المنمنم بالذهب، وقد تجلت آي عظمته في جبهته العالية ونظرته الرفيعة، وتبدت قوته الخارقة في صدره الواسع وساعديه المفتولين وأنفه الأشم، فأحاطت به مهابة من سن الأربعين، وهالة من مجد الفراعنة.
وكان يقلب عينيه الثاقبتين بين أبنائه وصحابته، ويرسل بناظريه إلى الأمام حيث يغيب الأفق خلف رءوس النخيل والأشجار، أو ينحرف بها ذات اليمين فيشهد عن بعد تلك الهضبة الخالدة التي يرقب مشرقها أبو الهول العظيم، ويسكن جوفها رفات الآباء والأجداد، ويملأ سطحها مئات الألوف من الخلق يزيلون كثبانها، ويشقون صخورها، ويحفرون الأساس الهائل لهرم فرعون، الذي أراد أن يجعله آية للناس على كر الأيام وتوالي الأزمان.
Shafi da ba'a sani ba