فإما أن يكون ينبغى أن نجرى القول على هذا النحو، وإما أن نضع مبدءا ما. فنقول: إن البرهان هو شىء ضرورى، وإن كان شىء ما قد يبين فإن هذا لا يمكن أن يكون على خلاف ما هو عليه، فقد يجب إذن أن يكون القياس من أشياء ضرورية . وذلك أنه قد يمكن الإنسان أن يقيس من مقدمات صادقة، من غير أن يبرهن. فأما أن يبين، فلا سبيل إلا من الضرورية: وذلك أن هذا هو خاصة البرهان. والدليل على أن البرهان إنما يكون من أشياء ضرورية هو أن المتعاندة إنما تأتى بها على الذين يظنون أنهم قد بينوا أشياء بأن يروا أن ليس ما يأتون به ضروريا، أو يمكن بالجملة أن يكون على جهة أخرى، أو أنه بحسب القول فقط.
فظاهر بين من هذه الأشياء أن الذين يظنون أنهم مصيبون فى أخذ المبادئ متى كانت المقدمة صادقة مشهورة هم قوم 〈فيهم ع〉ته: مثل ما يأتى به السوفسطائيون، وهو أن الذى له علم يعلم ماهو العلم. وذلك أنه ليس إنما تكون المقدمة مبدءا بأن تكون مقبولة أولا، لكن من طريق أنها أولى لذلك الجنس الذى عليه يكون البرهان. وليس كل حق هو مناسبا خاصيا.
Shafi 329