فأما الرسائل فالإنسان في فسحة من تمكينها، وتكرر النظر فيها، وإصلاح خلل إن وقع في شيء منها، ثم هي نافذة على يد الرسول، أو في طي الكتاب، فقد كفى صاحبها المقام الذي ذكرناه، والخطر الذي وصناه، فلهذا صار الخطيب إذا ساوى المترسل في البلاغة كان له الفضل عليه، كما كان الفضل الشاعر إذا ساوي المتكلم في تجويد المعاني، وبلاغة اللسان، وقد كان الفضل للشاعر إذا ساوى المتكلم في تجويد المعاني، وبلاغة اللسان، وقد قال عبد الله بن الأهتم: إني لست أعجب من رجل تكلم بين قوم فأخطأ في كلامه، أو قصر عن حجته، لأن ذا الحجا قد تناله الخجلة، ويدركه الحصرن ويعزب عليه القول، ولكن العجب ممن أخذ دواة وقرطاسا، وخلا بفكره وعقله، كيف يعزب عنه باب من أبواب الكلام يريده، أو وجه من وجوه المطالب يؤمه؟ !
وقد ذكرنا المطالب التي يصير بها الشعر حسنا، وبالجودة موصوفا، والمعاني التي يصير بها قبيحا مرذولا.
وقلنا: إن الشعر كلام مؤلف، فما حسن منه فهو في الكلام حسن، وما قبح منه فهو في الكلام قبيح، وكل ما ذكرناه هناك من أوصاف جيد الشعر فاستعمله في الخطابة والترسل، وكل ما قلناه من معاتبة فتجنبه ها هنا. ثم إنه يخص الخطابة والترسل أشياء نحن نذكرها، ونبتدئ باستقامة الخطابة والترسل من اللغة فنقول:
Shafi 151