وهذا النوع يصدق فيما طال من المعمى أو المترجم لتكون الحروف فيه ووقوع جميعها في نظمه. فأما السطر والسطران ونحوهما فلا يصدق هذا فيه وإذا كان ذلك فينبغي أن يستعمل في استنباطه حيلة أخرى، وهي أن تعرف ما يأتلف من الحروف في اللسان العربي، وما لا يأتلف، فإذا وقع الظن على حرفين نظرت هل هما مما يأتلف أم لا، فإن كانا مما يأتلف طلبت كل واحد منها في موضع آخر، ونظرت أيضا هل هي مما يقترن أو لا يقترن، ثم [إن وضح] ذلك فافعل حتى تظهر لك الألفاظ بحقائقها. ومما يستشهد به أيضا في هذا النوع الحروف التي يكثر اقترانها في هذا اللسان مثل من، ومع، وعن، وما، وفي، والألف، واللام، فإن صورها تأتي معا في مواضع كثيرة، فيدل ذلك على استنباط الحروف بعد الأصلين اللذين قدمناهما، ومما يعين على الاستدلال # على هذه الحروف إذا طلبت، وهي على صورها، أو أفرد كل اثنين منها بصورة، معرفة ما يقع منها في هذا اللسان أكثر، وما يقع منها فيه أقل، فأكثرها، ما فيه لا، ثم من، ثم إن، ثم ما، ثم في، ثم لم، ثم عن، ثم هو، ثم هم، ثم إذ، ثم ثم، ثم هي، ثم أو، ثم لو، ثم بل، ثم هل، ثم كل، ثم أي، ثم لن، ثم كم، ثم مع، وأم، وذي، ثم ذا، ثم لي وذو، ورب، ثم مذ، وهن، فهذه مراتب الحروف المقترنة، في الأعداد.
ومما يستدل به على استخراج المعمى أيضا التدلالا قويا فواتح الكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) وكالتحميد والتمجيد في أوائل الكتب وكالصدور التي قد كثر استعمالها من أهل الدهر مثل أطال الله بقاءك، ويا سيدي أطال الله بقائك، وأطال الله بقاء الوزير، وأطال الله بقاء سيدنا الأمير، ومن عبد الله أبي فلان لعبد الله أبي فلان، وأما بعد في أوائل الكتب، وأشباه هذا. وإذا اتفقت الشهادات ووجدتها في التكرار تصح فاقض باليقين فيها، فإن هذا من جنس ما يستخرج الحق فيه بالظنون مما قدمنا ذكره في أول الكتاب.
فأما الحروف التي تقترن وتأتلف في هذه اللغة مع كل حرف فهي حروف المد واللين، وهي الواو والألف والياء.
مخارج الحروف:
Shafi 355