271

Burhan Fi Wujuh Bayan

البرهان في وجوه البيان

Nau'ikan

والجماعة لا تكون إلا برئيس جامع لها، وإلا قل لبث اجتماعها وتفرقت كلمة أهلها ولا رياسة إلا بطاعة، ولا طاعة إلا لشريعة، ومتى خالف الذي يأخذ الناس بالشرع شريعته كان المأخوذون بها إلى الخلاف لها أسرع وليعلم الوزير أن التودد من الذليل يعد ملقا، والتودد من العزيز يعد تواضعا ونبلا، فيتودد إلى العامة ينل بذلك محبتهم، وشرف الذكر فيهم ولا يقتصر على التودد إليهم دون إيداع الهيبة صدورهم، وغلا لم يكن للتودد موقع عندهم، فإنه إذا ساس # رعيته هذه السياسة صحت له عليهم الرياسة، وصلحت أخلاقهم، واستقامت طاعتهم، وأقبلوا على منافعهم، وتركوا ما لا عائدة فيه عليهم، ولا فائدة في استعماله لهم، وانتفعوا وانتفع بهم إن شاء الله. فهذه أبواب الكتابة الظاهرة.

فأما الكتابة الباطنة: فإن القول لما كان فيه ما يحتاج الإنسان إلى ستره وكتمانه، ورمزه لنوع من أنواع الرأي في استعمال ذلك، ووجه من وجوه المصلحة المقصودة فيه، حتى لا يقفع عليه إلا من وثق به، وسكنت النفس إليه، وجعلت الترجمة والتعمية في الكتاب بدلا من اللحن والرمز والإشارة، وسائر ما ينبغي به القول، فعمي وترجم به الكتاب ما أريد ستره وكتمه، كما رمز وعمي من القول ما أريد ستره.

وقد قلنا: إن الكتابة تتغير في كل مكان، يتغير أوضاع أهلها، وحروفها المستعملة كثيرا في اللسان العربي تسعة وعشرون حرفا، منها ثمانية وعشرون حرفا لها صورة معلومة غير الألف، فإنها لما كانت ساكنة أبدا، وكان لا يوصل إلى النطق بساكن وصلت باللام لتكون حركة اللام مفتاحا للنطق بها، فجعلت "لام ألف" فأما الألف التي في أول حروف المعجم فليست ألفا على الحقيقة، وإنما هي همزة تسمى الألف الحقيقية على الاستعارة.

Shafi 350