فأما الوجوه التي تصرف فيها هذه الأموال، فإن الفيء لأهل هذه الآيات: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} إلى آخر الآية، ثم فسر أنها في كل زمان، ولكل قرن فقال: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} إلى آخر الآية فنص بهذه الآية، على المهاجرين فقال: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون} إلى آخر الآية، فنص بهذه الآية على الأنصار، ثم قال: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} إلى آخر الآية فنص بها على كل من أتى بعدهم من المهاجرين، فليس أحد من المسلمين إلا وله في الفيء حق، ولم يزل مال الفيء في أيام الصحابة رضوان الله عليهم يحمل، فيقسم على المقاتلة والذرية والصغير والكبير، ويرضخ منه للعبيد وضربهم، ولا يجمع منه شيء إلا أن خولف ذلك # وجعل مال الفيء لأرزاق الجند، وجعل ما فضل عن ذلك مجموعا في بيت مال المسلمين للحوادث والنوائب، فمال الفيء الآن في هذا الوقت لأرزاق الأئمة وأعوانهم وحلفائهم وحكامهم وعمالهم وللمقاتلة، ومن يجري مجراهم من سائر ولاة أمورهم وأموالهم، والفتوق التي تتفتق عنهم، فأما الصدقات فهي لأهل السهمان الثمانية التي نص عليها فقال: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} والفقير: الذي ليس له مادة وله قوت، والمسكين: الذي ليس له قوت؛ والعامل عليها: هو المتولي لجبايتها، والمؤلفة قلوبهم: هو المستمال إلى الإسلام الذي كفت أو خفيت عاديته وشره من وجوه المشركين والمنافقين وأهل الخلاف.
وقد ذكر قوم أن ذلك قد سقط وزال لظهور الإسلام؛ وقال آخرون إنه قائم ثابت، وأن للإمام أن يعطي من يريد تألفه من مال الصدقات ما رأى بغير ألا يتجاوز الثمن، وفي الرقاب: في فك الرقاب من الأسر؛ والغارمين: المغرقين بالدين إذا لم يستدينوه في معصية، أو كانوا قد حملوا حمالات في الدماء، واحتاجوا منها إلى أخذ الصدقة، وفي سبيل الله:
Shafi 317