"ليس هناك، أما ترى جبينه يرشح لضيق صدره؟ ! فقال [له] يزيد : ليس لذلك رشح، ولكن لقعودك في هذا الموضع، وكانوا يتعاطون سعة الأشداق وتبيين مخارج الحروف، ويمتدحون بذلك وبطول اللسان، ويعدونهما من آلات الخطابة، قال الشاعر:
(تشادق حتى مال بالقول شدقه ... وكل خطيب - لا أباك - أشدق)
وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لحسان: ما بقي من لسانك؟ فأخرجه حتى ضرب بطرفه جبهته ثم قال: "والله ما يسرني به مقول من معد، والله لو وضعته على صخر لفلقه، أو على شعر لحقه".
وينبغي الخطيب ألا يستعمل في الأمر الكبر الكلام الفطير: الذي لم يخمره التدبر والتفكير، فيكون كما قال الشاعر:
(وذي خطل في القول يحسب أنه ... مصيب وما يعرض له فهو قائله)
بل يكون كما قال الآخر:
(وقوف لدى اأمر الذي لم يبن له ... ويمضي إذا ماشك من كان ماضيا).
Shafi 170