Burhan Fi Ilmin Kur'ani
البرهان في علوم القرآن
Bincike
محمد أبو الفضل إبراهيم
Mai Buga Littafi
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
أَثْنَاءِ الصَّدْرِ سُمِّي تَوْشِيحًا وَإِنْ أَفَادَتْ مَعْنًى زَائِدًا بَعْدَ تَمَامِ مَعْنَى الْكَلَامِ سُمِّيَ إِيغَالًا وَرُبَّمَا اخْتَلَطَ التَّوْشِيحُ بِالتَّصْدِيرِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدْرُهُ يَدُلُّ عَلَى عَجُزِهِ وَالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَلَالَةَ التَّصْدِيرِ لَفْظِيَّةٌ وَدَلَالَةَ التَّوْشِيحِ مَعْنَوِيَّةٌ.
الْأَوَّلُ: التَّمْكِينُ وَهُوَ أَنْ تُمَهِّدَ قَبْلَهَا تَمْهِيدًا تَأْتِي بِهِ الْفَاصِلَةُ مُمْكِنَةً فِي مَكَانِهَا مُسْتَقِرَّةً فِي قَرَارِهَا مُطْمَئِنَّةً فِي مَوْضِعِهَا غَيْرَ نَافِذَةٍ وَلَا قَلِقَةٍ مُتَعَلِّقًا مَعْنَاهَا بِمَعْنَى الْكَلَامِ كُلِّهِ تَعَلُّقًا تَامًّا بِحَيْثُ لَوْ طُرِحَتِ اخْتَلَّ الْمَعْنَى وَاضْطَرَبَ الْفَهْمُ
وَهَذَا الْبَابُ يُطْلِعُكَ عَلَى سِرٍّ عَظِيمٍ مِنْ أَسْرَارِ الْقُرْآنِ فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِهِ
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ القتال وكان الله قويا عزيزا﴾، فَإِنَّ الْكَلَامَ لَوِ اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ لَأَوْهَمَ ذَلِكَ بَعْضَ الضُّعَفَاءِ مُوَافَقَةَ الْكُفَّارِ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الرِّيحَ الَّتِي حَدَثَتْ كَانَتْ سَبَبَ رُجُوعِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغُوا مَا أَرَادُوا وَأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ فِي فَاصِلَةِ الْآيَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ لِيُعْلِمَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَزِيدَهُمْ يَقِينًا وَإِيمَانًا عَلَى أَنَّهُ الْغَالِبُ الْمُمْتَنِعُ وَأَنَّ حِزْبَهُ كَذَلِكَ وَأَنَّ تِلْكَ الرِّيحَ الَّتِي هَبَّتْ لَيْسَتِ اتِّفَاقًا بَلْ هِيَ مِنْ إِرْسَالِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ كَعَادَتِهِ وَأَنَّهُ يُنَوِّعُ النَّصْرَ لِلْمُؤْمِنِينَ لِيَزِيدَهُمْ إِيمَانًا وَيَنْصُرَهُمْ مَرَّةً بِالْقِتَالِ كَيَوْمِ بَدْرٍ وَتَارَةً بِالرِّيحِ كَيَوْمِ الْأَحْزَابِ وَتَارَةً بِالرُّعْبِ كَبَنِي النَّضِيرِ وَطَوْرًا يَنْصُرُ عَلَيْهِمْ كَيَوْمِ أُحُدٍ تَعْرِيفًا لَهُمْ أَنَّ الْكَثْرَةَ لَا تُغْنِي شَيْئًا وَأَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ كَيَوْمِ حُنَيْنٍ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يمشون في
1 / 79