أكنة أن يفقهوه " (الكهف: ٥٧) (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)
(سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)،
وكان القسم المتقدم الذى سمع لأول وهلة لم يكن ليقع ذكره هنا من جهة قصد إراءة قدر هذه النعمة، وإنقاذ المتصف بها من حيرة شكه موقعها فيما تقدم من قوله: " إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ " (آية: ٣٦) فذكر هنا ما"هو واقع في إراءة قدر نعمة الإنقاذ والتخليص من عمى الجهل، وهذا حال من انتقل بتوفيق ربه وحال من بقي على موته، أو يكون الضربان قد شملهما قوله: "أومن كان ميتا فأحييناه ".
وأما الثاني وهو الذي تبينت فيه صورة النقل فأمره صريح من الآية
وأما الضرب الأول وهو السامع لأول وهلة المكفي المؤنة بواقي العصمة من
طوارق الجهل والشكوك فدخوله تحت مقتضى هذا اللفظ من حيث أن
وقايته تلك أو سماعه بأول وهلة ليس من جهته ولا بما هو إنسان أو مكلف،
بل بإسداء الرحمة وتقديم النعمة ولو أبقاه لنفسه ووكله إليها لم يكن كذلك،
"وما بكم من نعمة فمن الله " (النحل: ٥٣) فبهذا النظر قد تكون الآية قد
شملت الضروب الثلاثة وهو أولى.
أما سقوط الضرب الثالث من قوله: " إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ " فلما
قدم والله أعلم بما أراد.
1 / 209