وهم اليهود والنصارى وكونهم لم يلتزموا الوفاء، وحادوا عما أنهج لهم، وانقضى أمر الفريقين ذما لحالهم وبيانا لنقضهم وتحذيرا للمتقين أن يصيبهم ما أصابهم، وختم ذلك ببيان حال الموقنين في القيامة "يوم ينفع الصادقين صدقهم ".
وقد كان انجرَّ مع ذلك ذكر مشركي العرب وصممهم عن الداعى،
وعماهم عن الآيات فكانوا أشبه بالهائم منهم بالأناسي، أعقب ذلك تعالى
بالإشارة إلى طائفة أومأت إلى النظر والاعتبار، فلم توفق لإصابة الحق، وقصرت عن الاستضاءة بأنوار الهدى وليسوا ممن يرجع إلى شريعة قد حرفت وغيرت، بل هم في صورة من هم أن يهتدى بهدى الفطرة، ويستدل بما بسط الله تعالى في المخلوقات، فلم يمعن النظر ولم يوفق فضل وهم المجوس وسائر الثنويه ممن كان قصارى أمره نسبة الفعل إلى النور والإظلام ولم يكن تقدم لهؤلاء ذكر ولا أخبار بحال فقال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) .
فبدأ تعالى بذكر خلق السموات والأرض التي عنها أوجد
1 / 204