فلما قدم النبي المدينة أقطع الناس الدور فخط لبني زهرة في ناحية مؤخر المسجد، وجعل للزبير بن العوام بقيعا واسعا، وجعل لطلحة موضع داره، ولآل أبي بكر موضع داره عند المسجد الذي صار لآل معمر، ولخالد وعمار موضع داريهما، وخط لعثمان موضع داره اليوم، ويقال إن الخوخة التي في دار عثمان اليوم تجاه باب النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يخرج منها إذا دخل بيت عثمان بن عفان.
ذكر مسجد المدينة
قال (صلى الله عليه وسلم): «من جاء إلى مسجدي لا يريد إلا الصلاة في مسجدي والتسليم علي شهدت وشفعت له، ومن سلم علي ميتا فكأنما سلم علي حيا»
وكان بناء المسجد على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) باللبن وسقفه جريد، وعمده خشب النخل، فزاد فيه عمر، ثم غيره عثمان وبناه بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه ساجا. وبناه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وله بابان شارعان: باب عائشة والذي يقال له باب عاتكة، وباب في مؤخر المسجد إلى دار مليكة: وأول من حصب المسجد عمر قال: والأساس اليوم معمول بالحجارة، والجدران بالحجارة المطابقة، وعمد المسجد من حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص، وكان طوله مائتي ذراع وعرضه مائتي ذراع، وهو معنق ومعنق سقف دون سقف، والمحراب والمقصورة من ساج.
وتراب المدينة وهواؤها أطيب ريحا من رائحة الأفاويه بسائر البلدان، ويكتفي بالمدينة الرجل الأكول بقرصتين، ولا يكتفي في غيرها بخمسة أرغفة، وليس ذلك لغلظ فيه أو فساد في حبه وطحنه، ولو كان كذلك لظهر في التخم، ولهم الفقه والصحبة، ولهم حب البان. ومنها يحمل إلى جميع البلدان- وهي حشيشة تنبت في باديتها- وجبلها أحد،
قال رسول الله: رضوى رضي الله عنه، وقدس قدسه الله، وأحد جبل يحبنا ونحبه، جاءنا سائرا إلينا متعبدا، له تسبيح يزف زفا
ومن عجائبها جبل العرج الذي بين المدينة ومكة، يمضي إلى الشام حتى يتصل بلبنان من حمص، ويمر حتى يتصل بجبال أنطاكية والمصيصة، ويسمى هناك
Shafi 81