فيا غافلا عن حينه أين من بنى
مدائن أضحت بعده اليوم مقفرة
رمت بهم الأيام في عرصة البلى
كأن لم يكونوا زينة الأرض مرة
وما زال هذا الموت يغشى ديارهم
يكر عليهم كرة بعد كرة
فأجلاهم عنها سريعا فأصبحت
مساكنهم في الأرض لحدا وحفرة
وقرئ على باب قصر:
ما حال من قد عمل القصورا
وبات فيها آمنا مسرورا
ثم غدا في رمسه مقبورا
يقيم فيه أبدا مأسورا
حتى يرى من قبره محشورا
إما قرير العين أو مثبورا
وعلى آخر:
يا من يشيد للخراب بناءه
شيد بناءك في الثرى وتحصن
وذكر رجل من الصوفية أنه قرأ على باب قصر في بعض السواحل مكتوبا:
كم كان يعمر هذا القصر من ملك
سهل المحيا كريم الخيم والنسب
دارت عليه المنايا في تقلبها
فصار مأواه بعد العز في الترب
قال: ودخلت قصرا فرأيت قصرا حسنا كثير المجالس. فبينا أنا أدوره إذ دخلت مجلسا ما رأيت أحسن منه وفيه قبر عليه مكتوب:
ولما بنيت القصر أملت نفعه
وإني فيه باقيا آخر الدهر
فلما استوى والتام بوأت كارها
من القصر في بيت هناك وفي قبر
كذلك كان الدهر يفعل قبلنا
ولكن تجاهلنا وحدنا عن الأمر
قال: ورأيت في مجلس آخر مكتوبا:
جار الزمان علينا بعد غبطتنا
فلم يغادر لنا في القصر إنسانا
وصار مأوى لوحش الأرض تسكنه
أفناه ريب زمان ثم أفنانا
Shafi 454