العذر المبسوط «١» عرفتم، ولا بواجب الحرمة قمتم.
ولو كان ذكر العيوب برّا وفضلا، لرأينا أن في أنفسنا عن ذلك شغلا.
وإنّ من أعظم الشّقوة، وأبعد من السعادة، ألّا يزال يتذكر زلل «٢» المعلمين، ويتناسى سوء استماع المتعلمين، ويستعظم غاط العاذلين «٣» ولا يحفل بعمد «٤» المعذولين.
عبتموني بقولي لخادمي: أجيدي عجنه خميرا كما أجدته فطيرا، ليكون أطيب لطعمه؛ وأزيد في ريعه. وقد قال عمر بن الخطّاب، ﵁ ورحمه، لأهله: املكوا العجين، فإنه أريع الطحينين.
وعبتم عليّ قولي: من لم يعرف مواقع السرف «٥» في الموجود الرخيص، لم يعرف مواقع الإقتصاد في الممتنع الغالي. فلقد أتيت من ماء الوضوء بكيلة يدلّ حجمها على مبلغ الكفاية وأشفّ من الكفاية، فلما صرت الى تفريق أجزائه على الأعضاء، والى التوفير عليها من وظيفة الماء، وجدت في الأعضاء فضلا على الماء، فعلمت أن لو كنت مكّنت الإقتصاد في أوائله، ورغبت عن التهاون به في إبتدائه، لخرج آخره على كفاية أوّله، ولكان نصيب العضو الأول كنصيب الآخر؛ فعبتموني بذلك، وشنّعتموه بجهدكم وقبّحتموه. وقد قال الحسن «٦» عند ذكر السّرف: إنه ليكون في الماعونين «٧»: الماء والكلأ، فلم يرض بذكر الماء،
1 / 28