Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali
بسمارك: حياة مكافح
Nau'ikan
الذي فسر به حين كان في السادسة عشرة من سنيه سبب تركه الصلاة وما قاله لصديقه فيثير ارتيابا كبيرا في اعتقاده أن الرب برأ العالم على الرغم مما ذهب إليه سبينوزا.
ويكتب بسمارك من بيته في عشية سفره كتابا إلى صديقه فيلخص له الحادثات، ويصف له ما أورثته إياه من الانطباعات، ويثور صدر الصديق بلانكنبرغ ويبكي، ويقول بصوت عال: «إنك تلقي من السعادة في نفسي ما يعجز القلم عن وصفه!» فتلك التصريحات الطبيعية الصادقة الصادرة بعد محن الأسابيع الأخيرة عن بسمارك المرهف الحس وفق مزاج آل بيته، توحي برغبته في نيل تلك الفتاة التي عاش أبوها خالص التقوى فلم يكن بياتيا فقط، بل كان متصوفا أيضا، وما كان إعرابه عن إيمانه بالله خداعا، بل عن غرور ذاتي - على الأكثر - وما كان له نفع مادي من ذلك الزواج بالحقيقة، وما كان الهوى ليحفزه إلى الاقتران بتلك الفتاة في الحقيقة، فهو قد أرادها لمحيطها الخاص الذي صار مقاما ثانيا له، ويبدو إيمانها غريبا عنه، ويغدو مقبولا لديه مع بعض التحفظات، وبينما ترن في نفسه دعوة امرأة محبوبة لم يملكها قط تتحول مشاعره إلى دعوة امرأة أخرى يجدها أهلا لتكون رفيقة صالحة له فيود أن يتزوجها لهذا السبب.
وتمضي أسابيع قليلة، فيجتمع بها في بيت آل بلانكنبرغ مرة أخرى، فيبدي ما في نفسه ويقبل من فوره، وفيما هو راجع إلى منزله يكتب إلى أبيها من فندق في ستيتن
13
خاطبا لها.
ويدبج ذلك الكتاب يراع سياسي ماهر موهوب بروح ما عليه المرسل إليه من التقوى، ولم يحدث أن أكثر بسمارك من ذكر اسم الله في كتاب إكثاره من ذلك الكتاب وفي الكتاب الآخر الذي أرسله إلى فون بوتكامر، مستعملا تعبيرات إكليريكية غريبة عن أسلوبه العادي، وهو يعرف ضرورة الاعتراف بسابق خطيئاته وجحوده ليعتقد إيمانه الحاضر، وعلى صحة جميع ما صرح به وفق في صوغه توفيقا جالبا للنجاح؛ كالاتهام الذي كان قد صوب إلى مدير الأسداد الأخير، وهو إذا ما تكلم فيه عن الرب فبتواضع، ومن قوله: «إن الله لم يستجب دعائي هنالك، وهو لم يتركني مع ذلك؛ وذلك لما أجده من نشاط في دعوته، وإني إذا خلوت من راحة البال وجدت في نفسي من الثقة والإقدام ما لا عهد لي به منذ طويل زمن، وإني أعتقد أن الله مع الصالحين لسبب ما عرضته عليك دون غيرك بصراحة وصدق.»
وهو إذا حدث عن نفسه كان ذلك بإباء. ومن ذلك قوله: «إنني أعتذر عن مشاعري ونياتي في أمر الآنسة ابنتكم؛ وذلك لأن الخطوة التي أتخذها تنطق بصوت أعلى من الكلام وأبلغ، وأعتذر عن العهود أيضا، فلن أقطع لكم عهدا لما تعلمونه من تقلب قلب الإنسان ما لا أعلم، ويقوم ضماني لسعادة الآنسة ابنتكم على صلاتي نيلا لبركة الرب.»
ويأبى الأب العابد أن يهب ابنته لرجل «سمع عنه كبير سوء وقليل خير»، ويأخذ بسمارك الجواب الطليق غير المرتبط في وعد فيتخذ خطة الهجوم فيظهر في رينفيلد من فوره فيجد «ميلا إلى إطالة المفاوضات وعدم وقفها عند حد. ومن يدري ماذا تكون وجهتهم لو لم أقبل خطيبتي لدى نظرتها الأولى فيدهش والداها، ولو لم أضع الأمور في نصاب آخر فأمهد كل شيء تمهيدا موفقا.» وهنا يتجلى بسمارك الحقيقي، وما كان من تنفيذ هذا القطب السياسي ما أعده وفكر فيه زمنا طويلا تنفيذا سريعا جريئا فقد ظل لازمته العجيبة دوما.
والآن يلقي إلى أولئك الآل بما لديه من المودة، فيتغلب عليهم من فوره، ويشرب خمر الشنبانية ورحيق الهوك الريني مع الشيخ الشريف، ويرقص مع خطيبته على حين يعزف الهرفون بوتكامر على البيان، حتى إن الأم نفسها على ما فيها من عسر مراس وسمو ثقافة لم تعتم أن «شملت ذلك الملحد الملتحي بصميم فؤادها»، وهو الذي كان مرسلا لحيته الشقراء في ذلك الحين.
ولا جرم أن محادثات طويلة دارت بين الخطيب والخطيبة في أمور الدين، غير أن ما اتصفت به من سذاجة طبيعية أوجبت انطلاقه من حس الكبت الذي كان يضغطه عند أسرة بلانكنبرغ، وهو قد سر من قولها له باسمة: «أطلقك ما لم تنل فضل الله، أو لا أدعك على الأقل تنظر خلسة من ثقب باب رحمته!» وما كان من استعارتها كلمة «ثقب الباب» فأصوب ما قصدت، وهي لم تعرف ما كتب أوتو إلى أخيه يقول له:
Shafi da ba'a sani ba