Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali
بسمارك: حياة مكافح
Nau'ikan
ونكاد نشعر بأنه بلغ من الاعتزاز ما يعتقد معه تعذر تسريحه، وفي شهر ديسمبر يقول لرفيقة حياته: «يبدي الإمبراطور أقصى درجات الإجلال لي، وهو لم يجرؤ حتى الآن على معاكستي في أية مسألة سياسية، ولو كنت شابا قادرا على البقاء قريبا منه في كل وقت لاستطعت أن أجعله كخاتم إصبعي، ويمكن حل الريشتاغ ثلاث مرات متتابعات، ولكن على الرجل أن يكسر الجرار في نهاية الأمر، ولا يمكن حل مسائل كهذه المسألة الاجتماعية الديمقراطية من غير عماد دم، كما أنه لم يمكن حل المعضلة الألمانية بغير ذلك، وبما أن عاهلنا الشاب يعاف استعمال العنف ...» ولم يتم بسمارك هذه العبارة الأخيرة، ولكن صدرها يدل دلالة كافية على سوء إدراكه لولهلم.
الفصل الثالث
وفي نهاية الأمر - أي في 23 من يناير سنة 1890 - يستدعى بسمارك إلى برلين برقيا، وذلك لما يكون من عقد مجلس التاج في اليوم التالي حلا للمعضلة الاجتماعية، ويسافر بسمارك يوم الجمعة خلافا لعادته، ويصل إلى العاصمة تعبا، ويجمع مجلس الوزراء ويقترح انتظار ما يريده الإمبراطور، وهنالك ينهض بوتيشر، وبوتيشر هذا ظل نجيا لبسمارك صديقا لأسرته مدة عشر سنين فأصبح اليوم صاحب الحظوة لدى الإمبراطور من بين جميع الوزراء، ولم يرتب بسمارك منه إلا حديثا، ومن رأي بوتيشر أن على مجلس الوزراء أن يوجه الأمور وضعا لها في نصابها بعض الوضع، ومنذ وقت قصير كان بوتيشر قد ذكر لبسمارك موكدا أن الإمبراطور عازم عزما قاطعا على القيام بإصلاحات اجتماعية، وذلك حينما كان بوتيشر وبسمارك يتعاطيان الشراب في فردريكسروه، ولكن بوتيشر يكرر الأمر أمام زملائه في الساعة الراهنة، فيقع غير المنتظر، يقع ظهور الجميع موافقا على رأيه.
تلك ساعة هائلة لم يعرف بسمارك مثلها منذ خمس وعشرين سنة، فهو يبصر هجره من قبل زملائه الذين عرفوا اتباع غيره في الأشهر الثمانية الأخيرة، وهو يبصر كيف أهمل فرصه فيتصدى للوزراء غاضبا ويتوجع من سوء توجيه الأمور ويتكلم عن استقالته رجاء معارضته في ذلك فيقابل بالسكوت، ويفض الاجتماع «بين شعور عام بالتوتر»، ويذهب بسمارك إلى الإمبراطور الذي لم يره منذ ركبة العربة تلك، ويقول له هذا الرجل الشيخ والقطب السياسي: «إنني أود إلغاء القانون الراهن المضاد للاشتراكية؛ لاحتياجي إلى تدابير أقوى منه.» وهنالك يذعر الإمبراطور الشاب، ويجمع مجلس التاج ثانية، ويبدي الإمبراطور رغبته في سن قوانين لحماية العمال، ويقوم حلمه على اجتناب ثورة متوعدة، وعلى عقد مؤتمر، وعلى مخاطبة الشعب ب «أسلوب ملهم» في عيد ميلاده.
ويقول لوسيوس: «نتساءل - والحيرة ملء نفوسنا - عمن لقنه تلك الأفكار.» وكان الإمبراطور قد عين مشاوريه، وهم الثلاثة الذين ذكرناهم آنفا، ويطلب من بوتيشر أن يقرأ المذكرة، ويرجى من بسمارك أن يكون أول من يبدي رأيه، ويتظاهر بالهدوء فيشير بالتأجيل قائلا إن الإمبراطور إذا ما نفذ خطته كان لذلك أثر سيئ في الانتخابات لما يؤدي إليه من غم الملاك وتشجيع العمال، ويجيب الإمبراطور عن ذلك مع المجاملة بأنه يود قبل كل شيء جعل القانون المضاد للاشتراكية أقل شدة، ويضيف إلى ذلك قوله إن مشاوريه الشرعيين حملوه على سلوك هذه السبيل، وهنالك يقول بسمارك مزمجرا: «لا أستطيع أن أثبت أنه سيكون لسياسة جلالتكم القائمة على الإذعان نتائج جالبة للنوائب، ولكن ما اتفق لي من تجاريب في سنين كثيرة يجعلني أحس معتقدا وقوعها في المستقبل، والآن إذا ما خضعنا لم نسطع حل الريشتاغ فيما بعد، ووجب علينا أن نتوقع أحداثا أشد خطرا وصولا إلى ذلك، والقانون إذا ظل موقوفا أمكن أن يسفر ذلك عن اصطدام!»
الإمبراطور هائجا: «سأجتنب مثل تلك النكبات وسأحول دون غمر سنوات عهدي الأولى بالدماء ما لم تقض الضرورة القصوى بعكس ذلك.»
بسمارك :
يكون ذلك ذنب الثوريين، فلا تسوى الأمور بغير سفك دم، وإلا عد الأمر تسليما! وإني - لما لدي من خبرة في هذه الأمور - أشير بعكس ما تقترحون، وقد زادت سلطة الملك باطراد منذ تسلمي زمام الأمور، ولا يدل الارتداد الاختياري على غير الخطوة الأولى نحو نظام الحكم البرلماني الذي يكون خطرا في نهاية الأمر وإن لاءم الساعة العتيدة، ولا أدري هل أبقى في منصبي إذا لم تقبل جلالتكم نصيحتي.
الإمبراطور يقول لبوتيشر بصوت خافت: «يوجب ذلك توريطي.» وينم هذا التسار على توادهما ضد بسمارك.
وعندئذ يسأل الآخرون كلهم عن آرائهم، وهؤلاء جميعهم يشعرون بتقاطع قريب الوقوع، ولا يجرؤ أي واحد منهم أن يجهر بالانحياز إلى الإمبراطور مع ذلك، وهنا حيث يجب عليهم أن يختاروا أحد النجدين في وسط المبارزة، كان سلطان بسمارك من القوة ما يفرض عليهم انتحال وجهة نظره ظاهرا، بيد أنه يبصر الرعب بلا داع معقول في نظراتهم وملامحهم، فعاد لا يعتقد وجود نفوذ حقيقي له فيهم وإن لاح أنه رقيب عليهم شكلا.
Shafi da ba'a sani ba