Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali
بسمارك: حياة مكافح
Nau'ikan
1
ولدي ريب في خلاص الإكليريكي؛ فهو قد اقترف خطيئة تجاه الروح القدس، ويدينه نص الكتاب المقدس.»
ولا يجيب الأسقف عن هذه الدعابة بغير الانحناء ساخرا، ويتفرس كل من القطب السياسي اللابس بزة جنرال والأسقف اللابس حلة الكهنوت في الآخر باسما، ولكنه كان يستتر تحت ابتسامة بسمارك الرياضية مشاعر داوية مضادة للكاثوليك، وبسمارك في الوقت نفسه كان يفكر في دعوة البابا، الواقع الآن تحت وعيد «ملك اللصوص» إلى كولونية أو فولدة معتقدا «أنه لا شيء يمكنه أن يبدد أوهام الألمان وينير بصائرهم بسرعة أكثر من مشاهدتهم مطبخ الكهنوت في قبضتهم».
ومن خلال ذلك، ومن خلال غير ذلك، نبصر قلة فهم بسمارك للقوى الأدبية، أجل إن بسمارك كثير الاطلاع على التاريخ، ولكننا نجد نقصا في وقوفه على تاريخ الكنيسة.
والحق أننا لا نعنى هنا ب «محاربة الظلام»؛ أي بالكفاح بين ثقافتين مختلفتين، أي بين ثقافة الكنيسة الكاثوليكية وثقافة الدولة العلمانية، فبسمارك كان يجاهد في سبيل السلطان، لا في سبيل المبادئ التي حول أفكاره حولها في السنين العشرين الأخيرة تبعا للأحوال، وبسمارك كان متسامحا في الأمور التي لا أهمية لها مع ذلك، وبسمارك كان لا يناهض الكنيسة إلا كصاحبة سلطة، لا لأنها دليل ثقافة خاصة، وبسمارك كان يبدو عدوا لها حينما يراها تضعف دولته، وبسمارك كان يبصر حدوث ذلك الكفاح منذ عشرين عاما.
وبسمارك صرح في فرانكفورت بأن مكافحة «روح الفتح في المعسكر الكاثوليكي» أمر لا مفر منه منذ أصبح العهد النمسوي يأتي بأعداء بروسية إلى هذا المعسكر، وبسمارك بعد أن ارتقى في سلم السلطة وصف في الفاتيكان، كما يعرف بأن «الشيطان تجسد فيه»، وقد قال فيندهورست بعد زمن: «إن محاربة الظلام ترجع إلى معركة كونيغراتز»، ومن الواقع أن خوارج البروسيين المدثرين بثياب الإكليروس، ولا سيما قسيس برلين، قالوا وكتبوا: «إن على أوروبة ومنها تركية أن تدين بالبروتستانية!»
بيد أن الأزمة لم تظهر إلا بعد عقد المجمع البابوي في رومة وتركيز جميع سلطات أوروبة الكاثوليكية هنالك، فلما حل منتصف شهر يوليو سنة 1780، وكانت الحرب في مرحلتها الأولى، أعلنت عصمة البابا فكان هذا طعنا لمشاعر بسمارك وخططه؛ فما كان بسمارك ليطيق أن يدعو إنسان نفسه بالمعصوم، ولم ذلك وهو الذي لم يعتقد عصمة نفسه؟ ومن الفظاعة أن يتبع قسم من ألمانية سلطانا أجنبيا، وهو عندما انطلق إلى فرنسة أنذر أساقفة الألمان بعدم الموافقة وأنذر البابا بألا يأتي أي إكراه كان، وهو في الوقت نفسه أعرب عن قصده في حماية الدولة تجاه سلطان رومة، وإلا «عدت الحكومة الأساقفة موظفين لدى سيد أجنبي».
وهنالك - وفي إبان الحرب - جعل أصحاب فيندهورست من حزب الوسط حزبا كاثوليكيا مجاهدا، ويعجز بسمارك عن إقامة كنيسة ألمانية كاثوليكية فيتخذ خطة الهجوم من فوره، ويمنع رئيس أساقفة كولونية طلاب بون من حضور دروس علماء اللاهوت من الأحرار، ويصرح بسمارك ببطلان هذا النهي، وبسمارك لكونه باني الإمبراطورية، وبسمارك فيما كان جادا في ذلك يسم النزاع الكنسي بسمة الهجوم على الإمبراطورية فيصر على قوله إن رومة هي مركز لالتقاء جميع أعداء الريخ، وبسمارك عند رجوعه إلى الوطن يجد أن الحزب الجديد يتألف من سبعة وخمسين رجلا، وأن جميع الساخطين يلتفون حوله.
وهنالك ما يستفز من هو أهدأ من بسمارك ، وبسمارك قضى عشرين سنة مفكرا في عمله، وبسمارك قاتل ثماني سنين في سبيل عمله، وبسمارك - أخيرا وبعد أسابيع إعياء - سير السفينة إلى مرفأ متحديا الرياح المعاكسة. وبسمارك الآن يصل إلى الوطن ليجادل الشعب تعبا مضنى منهوك الأعصاب، وماذا يجد؟ يجد عصبة مؤلفة من نواب الأمة المعادين يجمعهم إيمان ديني واحد، ويرأسهم رجل بعيد من ألمانية، فلا بد من خصومته لإمبراطور ألمانية اللوثري الجديد نادبا الإمبراطور الرسولي القديم، وهل يغيب عن المستشار المرتاب الذي أبصر إمكان انهيار عمله أن يرى تلك الجماعة حاملة مطارق خفية معدة لتحطيم ذلك البناء الذي شيد بمشقة؟ ومن ذا الذي يطالب صاحب مزاج حاد أن يكون منصفا في مثل تلك الحال؟ هو يعزم على حماية عمله مشبعا من روح ميدان الحرب فيخطئ تقدير مدى قذيفته، فيرمي بها سلطة رومة العظمى فلا يؤذيها كثيرا، وذلك بدلا من أن يصيب بها تلك الزمرة من كاثوليك الألمان، وما فطر عليه ذلك الفاتح من مزاج مكافح وما يساور ذلك الباني الواقعي من هم فيوضح خطأه في تقدير أمر حلف كاثوليكي ضد إمبراطوريته الفتية وتخوفه منه.
وليس ذلك الحزب وحده هو ضده في الحقيقة؛ ففي الداخل يتألب عليه الغلفيون والبولونيون والألزاسيون، وفي الخارج يتضافر عليه النمسويون والفرنسيون، وتتفاهم الديمقراطية الاشتراكية، الفتية فتاء الإمبراطورية والضعيفة ضعف أوروبة، هي وحزب الوسط ذلك، ومن بين جميع «أعداء الريخ» ترى حزب الوسط وحده هو «أول من يبرز في الميدان» ويزيد الارتباك بما كان من اعتراض بعض علماء اللاهوت في الجامعات الألمانية (ومنهم الكاردينال هوهنلوهه) على مبدأ العصمة، وبما كان من مؤازرة ملك بافارية الكاثوليكي لاحتجاجهم، وبما كان من لوم رومة لحزب الوسط الألماني. ومن الزعماء أناس خضع لم يبالوا بالأمر مع الشغب، ومنهم سافينيي الذي عطل بسمارك طموحه منذ بضع سنين.
Shafi da ba'a sani ba