Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali
بسمارك: حياة مكافح
Nau'ikan
13
الغائرتين ومن خلال نظارته الثخينة، وينظر بسمارك خافضا ناظريه إلى هذا القزم المدخل يده اليمنى إلى صدر معطفه الأسود، ويبصر بسمارك نور الذكاء على ملامحه، فلما تكلم القزم مجيبا كان ذلك بصوت ثابت غليظ إذا ما قيس بصوت بسمارك العالي الرقيق.
والقزم، لضعف بصره كان يرهف أذنيه وذاكرته مضاعفا، وفي الريشتاغ يمكن القزم أن يعرف صوت كل من يتكلم من فوق المنبر وأن يضمنه ملاحظة، والقزم إذا تكلم كان ذلك من رأسه وبلا مفكرة، فيوفق لجعل الخصم محل سخرية في آخر الأمر لا ريب، وللقزم كل الفائدة من كونه سليل سلسلة طويلة من الفقهاء، وما كان من صغر جسمه وضعف باصرته الموروث فقد حفزه إلى تدريب ذهنه ليقوم مقام النقص في بدنه.
وهكذا، درس الشاب فيندهورست مثابرا في غوتنجن حيث كان ينفق بضعة قروش ثمنا لغدائه، وحيث كان معتدلا إلى الغاية، وذلك حين كان الشاب بسمارك معتمدا في ذلك المكان على قواه البدنية وعلى شجاعته مبذرا مال أبيه المعسر، وقد نشأ عن ذلك أن صار فيندهورست قاضيا في محكمة الاستئناف العليا في الثلاثين من عمره، وذلك حين كان بسمارك يحاول أن يؤثر في كونتسات بوميرانية بلهوه وركوبه الخيل، وما إلى ذلك من الأمور المؤدية إلى الكوارث.
ويروي أصدقاء فيندهورست أنه كان متدينا مع تسامح، وأنه كان من المجون المقبول ما لا يمثل معه دور رسول، وما كان لينقطع تنكيته الذي لا يلبث في أثناء الجدال أن يشتد فيتحول إلى هزوء حتى بما هو خاص به، وما كان يكف عن السخرية من «جسمه الصغير» و«دمامته» ضاحكا من هذين العيبين.
وكان كلفا بالموسيقى الخفيفة، وكان يناكد النساء منتحلا مثل مزاح القباح من مضحكي قديم الأيام، ولكن مع عطل من مثل خبثهم التقليدي، ومظهرا لضعف أمثاله إظهارا صحيحا مع عدم ازدراء لهم كما يصنع بسمارك، ومن المحتمل أن كان ذا كرامة كالمستشار، وكان يعد مستبدا في الحزب السياسي الذي يرأسه، وكان يميل إلى عد نفسه رجل دولة، وكان مع ذلك رجل دولة أقل منه برلمانيا ومحاميا كما قال صديق له.
وكان ضمن هذه الحدود دربا لا مثيل له، وكان يبدو لا بدن له تقريبا، فلم يحتج لحماية بدنه إلى إقامة الدليل على شجاعته كبسمارك، فكان يلوح أنه ممثل للسلطان الروحي، وكان يبالغ في الحذر فلم يكد يكتب رسائل، أو كان يضرع إلى المرسل إليه أن يمزقها حالا، وهو لعدم لبسه مسحا
14
كان له الخلاص بتواضعه.
وكان يمكنه أن يكون مكافحا من غير احتياج إلى حرارة رسول، وكان عليه في دورة اجتماع الريشتاغ أن يقضي أيام الأحد في برلين، فيذهب في صباح كل أحد إلى كنيسة القديس هدفيغ ثم يزور بليشرودر، وإذا نظرت إلى الطريقة التي يقضي بها فارس الإيمان الدنيوي هذا يوم الراحة وجدتها من طراز خاص، ولكن من غير محاولته اقتناص شيء لنفسه.
Shafi da ba'a sani ba