Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali
بسمارك: حياة مكافح
Nau'ikan
ويعاشر بسمارك أناسا من الأجانب مع الحذر، ومما قاله بسمارك لأمريكي موكدا إنه يتوجه «إلى الجمهورية» منذ شبابه، وإن المؤثرات الأسرية هي التي تصرفه عن ذلك، وإن ألمانية لم تتقدم بدرجة الكفاية إلى النظام الجمهوري مع ذلك، ويألف بسمارك محادثة مراسل جريدة «التيمس» فيعلم بسمارك من هذا المراسل حوادث أكثر مما يعلم هذا المراسل من بسمارك، وينبأ بسمارك وجود مراسل جريدة «نيوفري برسه » عند بوشر فيدخل بسمارك عليه من غير إخبار، ويظهر له أن هذا المراسل بوميراني شريف حكم عليه بالموت في أيام سنة 1848 فحول هذا الحكم إلى عقوبة السجن لمدة ست سنين، ويرى بسمارك أن يظفر بهذا الخصم، فيزعم أنه يعرفه مع أنه لم يبصره قبل الآن، ثم يقول له بسمارك: «أنت لدتي،
16
ولا تزال جيد الصحة بما يثير العجب.»
وعن هذا يجيب كورفين مسرورا: «يمكنني أن أدلك على وسيلة جيدة تحافظ بها على فتائك، وهي أن تقضي حكم ست سنوات سجينا في حجيرة!»
ولبسمارك تسلية في ذلك، ويسأل بسمارك كورفين عن كثير من أبناء الأعمام، وهو لم يتمالك أن قال:
نشأ كل منا في أحوال واحدة تقريبا، وكنت مثلك حينما أثرت ذعرا في أسرتي بأفكاري الحرة، وكنت مثلك حينما أشبعت في شبابي من مبدأ الوحدة الألمانية، ولكنني نفرت من عجز كثير من زعماء سنة 1848، أجل، يكون الإنسان أكثر حماسة في فتائه، ثم تمحي أشعرة الأحزاب من عل، ثم إن تراث الشريف لا يزول تماما كما ترى ... وترى كيف يسير القدر الأمور؛ فالمشاعر الواحدة جعلتك في السجن وجعلتني في منصبي الحاضر.
ويصغي الصحافي إليه حائرا، فيا لبراعته البالغة في تضليل خصم سياسي بمقايسات فاسدة واستنباطات باطلة! ويا لمهارته في الترحيب بكورفين كشريف وفي تملقه هذا الصحافي بإشارته إلى تماثلهما في الشباب وإلى مذهبه الحر الباكر! ويبلغ بسمارك في ذلك غايته؛ فقد حدثنا كورفين عما لقيه من وداد المستشار بسمارك وعطفه وتقديره!
ويمكن تقسيم أعداء بسمارك في فرساي إلى مدنيين وعسكريين، وإلى أمراء ورجال دواوين، والفرنسيون وحدهم هم الذين كان معهم على وئام، ومن المقر العام يكتب ستوش قائلا: «لم أر في الماضي مرارة أبديت لإنسان كما يبدى لبسمارك الذي لا يألو جهدا في فرض أفكاره.» وهو ذو صلات سيئة مع أركان الحرب على الخصوص، وهو يصرح ب «أن جحود هؤلاء العسكريين أمر كريه تجاهي، مع أنني لم أدخر وسعا في عمل كل ما يطيب لهم أمام الريشتاغ! وسيرون ما جعلوه في من تبديل، فسأعود إلى البلاد برلمانيا بعد أن ذهبت إلى الحرب رائدا، وسيرون الميزانية الآتية عاطلة من الحديد!» ويذكر بسمارك بعد سنين ما كان من «المقاطعة العسكرية» ضده، ويدل الواقع على أن رجال الجيش كانوا يبذلون ما يستطيعون ليقصوه عن مذاكراتهم وليبحثوا في المسائل عندما يكون نائما، «وكان مراسل جريدة التيمس رسل أحسن وقوفا مني على ما يزمع عمله وعلى ما تم فعله فيكون لي مصدرا نافعا للأنباء»، ويراقب خلصاء مستشار الجامعة بسمارك من قبل أركان الحرب وتفتح العيون حول كل من يأتيه بالأخبار، ويرصد القواد بسمارك كما لو كان محايدا لا يركن إليه، وهنالك سببان كانا يحفزان رجال الحرب إلى اتباع سياسة حمقاء مؤدية إلى كتم سير الأعمال العسكرية عن ذلك القطب الذي كان قابضا على زمام الأمور فيستند في قسم من حساباته إلى تلك الأعمال، فأما السبب الأول فلا يعدو حد حسدهم له على قوته، وأما السبب الثاني فهو الاستياء الناشئ عن أسلوبه الاستبدادي في توجيه كل شيء. قال مانتوفل: «كان يرى من العار أن يكون لرجل سياسي من النفوذ ما ليس لقواد الجيش!»
وبسمارك من ناحيته يدع منذ عشر سنوات - وللمرة الأولى - وقوع أمور كثيرة على غير ما يرضى وخلافا لما يود، وبسمارك يكره على التغافل عن الملك ولهلم الذي لم يغفل بسمارك عنه طرفة عين حتى الآن، فيخالط الملك القواد فيؤثرون فيه سياسيا وعسكريا، وما عليه بسمارك من عزة واستبداد وعادة في تقرير جميع المسائل - بما عرف عنه من عناد - فيدفعه إلى الثورة على عزلته التي ما فتئ القواد يوطدونها، وبينما كان رجال الجيش ينتقدون سياسته حول السلم والإمبراطورية كان يري الجيش أنه يجب عليهم أن يعرفوا جهره بلومهم على خططهم في الغزو، «فخطط القيادة العليا الحربية هي خطط غرفة، والجندي العادي هو صاحب جميع الانتصارات، ونحن مدينون بما تم لنا من نصر لسواعد جنودنا الذين هم أقوى من جنود فرنسة بدنيا، فهم خير من هؤلاء سيرا وصبرا وشعورا بالواجب وصولة في الهجوم، ولو كان مكماهون قائدا لجنود من البروسيين وكان ألفنسليبن قائدا لجنود من الفرنسيين لقهر هذا الأخير»، ويؤنب ستينميتز ألفنسليبن حول المائدة ويدعو الوزير أولنبرغ إلى المعسكر «ليرى رجل خفيف الظل بين هؤلاء اللابسي البزات العسكرية»، ويشعر بانحراف مزاجه ويكون في غرفة بالغة الحرارة فيبدي ألمه لفالدرسي بقوله: «يخفى عني أهم الحركات، ولا أطلع إلا مصادفة على خبر أعظم الحوادث عندي.» وقد روي لنا أنه حين قوله ذلك «كانت عيناه تتسع وكان العرق يتحدر على وجهه وكان يدخن سيغارا كبيرا، وكان يشرب خمرا صرفا كما بدا لي من القنينة.»
ويصرح بسمارك للأمير هوهنلوهه بأن الجيش لم يأت بغير الغباوة بعد معركة سيدان، «ومما لا ريب فيه هو أنني لست صاحب ذكاء كبير ولا صاحب استعداد كثير، ولكن هنالك أمرا أحسن إدراكه في الحقيقة، وهو فن الحرب، فنحن بدلا من أن نجمع جميع قوانا في غابة أرغون فننتظر هجوم العدو علينا، تقدمنا إلى باريس رأسا من غير أن نعرف السبب، وقد احتججت فلم يرد مولتكه أن يسمع شيئا»، ومولتكه هو أشد الناس خصومة لبسمارك في أثناء حصار باريس، وليس هذا سوى نفور تراكم في زمن طويل، ثم ظهر في نهاية الأمر.
Shafi da ba'a sani ba