Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali

Cadil Zucaytar d. 1377 AH
210

Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali

بسمارك: حياة مكافح

Nau'ikan

ولدينا قول آخر لكارل ماركس وهو «تكون هدنة بدلا من السلم!» وبسمارك قد أبصر الحرب آتية لا ريب فيها، وكان يسر بسمارك أن يرى هذا؛ وذلك لأن الربح الذي كان يطمع فيه من الحرب هو بناء الريخ، وما كانت أفكار بسمارك ورغائبه لتوجه ضد جار لأنه جار متبرم، وكاد الفرنسي ينسى في خمس وخمسين سنة الغزو الألماني الأخير، وأعصاب فرنسة لم تضطرب في السنوات الأربع الأخيرة إلا لتوسع بروسية، ولا تجد في أية مذكرة من مذكرات بسمارك ولا في أية خطبة من خطبه ولا في أية رسالة من رسائله ولا في أي حديث من أحاديثه الخاصة كلمة العدو التقليدي، أجل إنه لا يحب الفرنسيين، ولكن من هو الذي يحب؟ والآن - بغتة - وخلافا لبياناته الأخيرة يجد بسمارك أن من غايات الحرب سلامة الريخ التي هي وليدة هذه الحرب، ومن ثم تبصر تبدلا تاما في المبادئ الأساسية لسياسته العالمية، فقد تحول بسمارك الباني إلى بسمارك الفاتح.

وتسأل أوروبة: لماذا لا تكون تانك الولايتان محايدتين ما دامتا راغبتين في الحياد، وعن هذا يجيب بسمارك مؤخرا في تصريح ألقاه في الريشتاغ حيث يقول:

يعني ذلك إقامة سلسلة من الدول المحايدة من البحر البلطي إلى جبال الألب، فيؤدي هذا إلى تعذر هجومنا على فرنسة برا ... إن من عادتنا أن نحترم المعاهدات والمحايدات (بخ بخ!) ... ولفرنسة الوقاية من ناحيتنا إذن، وذلك على حين ليس لنا من الوقاية البحرية شيء ما دام أسطولنا أضعف من أسطول فرنسة.

وهذا سبب ثانوي، والسبب الرئيس هو أن بلجيكة وسويسرة ترغبان في البقاء دولتين مستقلتين محايدتين مع أن الألزاس واللورين لا تريدان ذلك. ... ومما يجب توقعه هو أن العناصر الفرنسية تظل كما هي في ذينك البلدين زمنا طويلا، فتبقى إلى أمد بعيد مرتبطة في فرنسة بمصالحها وعواطفها وذكرياتها، فإذا ما وقعت حرب فرنسية ألمانية جديدة أثرت هذه العوامل في تلك الدولة المحايدة الجديدة، ولا نجد ما يفعل إذن غير وضع ذينك البلدين وما فيهما من حصون تحت السيطرة الألمانية وغير الدفاع عنهما كصياص

11

ألمانية في وجه فرنسة، فبذلك نعوق بدء كل هجوم فرنسي منتظر على ألمانية لعدة أيام.

وعداوة السكان كانت أول حائل دون تحقيق ذلك الرأي، وكان يوجد مليون ونصف مليون من الألمان لهم ما للألماني من المزايا، فكانوا يعيشون بين أبناء أمة لها مزايا أخرى غير تلك، فكان لهم بذلك مقام مرموق، وإن من خلق الألماني أن تكون له أفضلية على أقرب جار إليه، وكان يوجد خلف أهل الألزاس واللورين باريس مع سنائها وفرنسة مع عظمتها ووحدتها، فإذا ما واجهوا أبناء جلدتهم من الألمان قالوا إن باريس لنا! وجود هذا النفور أمر لا ريب فيه، وعلينا أن نتغلب عليه صابرين، ولدينا، نحن الألمان الآخرين، وسائل كثيرة، والحكم من دأبنا على العموم، وحكمنا يكون قليل الحكمة في بعض الأحيان، ولكنه يكون مع الزمن أكثر إنسانية وأدعى إلى الخير من حكم أولياء الأمر بفرنسة (ضحك) ... ولكن لا ينبغي لنا أن نتمدح فنقول إننا سنصل إلى تلك الغاية بسرعة فنرى المشاعر الألمانية في الألزاس تحولت فصارت كما في تورنجية.

ومن خلال جميع تلك العوامل المعقولة الصائبة تبصر اكتراث القطب السياسي ولو جرؤ هذا القطب السياسي بعد صلح ظافر أن يقول لبني قومه عند الكلام عن أسلاب الحرب: إنه لا معدل عن أخذها لأقام دليلا آخر على أنه لم يحتفظ بها بلا طول روية وإنعام نظر، ولم أخذها؟ صرح بسمارك بعد سنوات كثيرة لممثلي ولايتي الألزاس واللورين بأنه ضمهما على الرغم منه وعملا بضغط القواد العسكريين.

تجد الأسباب الأولى في مزاج الجيش وقواده؛ فالحق أن معارك كبيرة وخسائر عظيمة كانت هنالك، وكان العدو سيئ الاستعداد، فلا يستطيع الدفاع عن حصونه طويل زمن، وكان الأمراء والجنرالات سكارى النصر، فأضف إلى ذلك كله مقت بسمارك لجيرانه المتكبرين الذين لا يحتملون قيام دولة قوية عبر الرين مساوية لدولتهم، وهذا إلى العامل الألماني القومي القائم على شعور بسمارك بأن ألمانية معرضة لخطر هجوم فرنسي جائر، وكان ملك ورتنبرغ قد بين لبسمارك - ذات مرة - أن ضعف البلاد من تلك الناحية مما يعوق اتجاه جنوب ألمانية نحو الوحدة، وبسمارك قد عرض الأمر على الريشتاغ بقوله: «إن الطرف الذي تدخل به زاوية الألزاس في ألمانية بالقرب من فيسنبرغ يفصل بالحقيقة جنوب ألمانية من شمالها بأكثر مما يوجبه خط نهر المين السياسي.» بيد أن هذه الملاحظة الواقعية تنطبق على الألزاس وحدها، وهي لا تنطبق إلا على قسم من هذه الولاية.

وبسمارك - فضلا عن ذلك - سخر من الأقاويل الوحدية الألمانية التي زعم أنها ألهبت الحماسة خلف خط القتال، فقال: «إن الحصون هي التي نحتاج إليها؛ فالفكرة القائلة بألمانية الألزاس هي من اختراع الأساتذة.» وكان بسمارك يعلم أن وضع الأمير الناخب الأكبر تجاه لويس الرابع عشر هو السبب الرئيس في ضياع الألزاس، وأنه ليس لآل هوهنزلرن أدنى ادعاء ممكن بهذه الولاية، وقد اعترف بسمارك بما في ضم اللورين من خطر، فقال في اليوم السادس من سبتمبر: «لا أريد ضم اللورين، ولكن الجنرالات يرون أن ميتز ضرورية وأنها تعدل قوة 120000 جندي.» ولم يلبث بسمارك أن أفضى إلى دبلمي إنكليزي بقوله: «لا نطمع في الألزاس ولا في اللورين، ويمكن فرنسة أن تحتفظ بهما على أن يتعذر عليها اتخاذهما نقطتي ارتكاز في حرب تقوم بها ضدنا، وإنما نحتاج إلى ستراسبرغ وميتز.»

Shafi da ba'a sani ba