Bismarck: Rayuwar Mayar da hankali
بسمارك: حياة مكافح
Nau'ikan
9
القومية، وليس على الإنسان أن يدقق كثيرا في نوع السلاح الذي يستعمله عند نشوب معركة كتلك يتوقف عليها محياه ومماته، والأمر الوحيد الذي يضمن لنا الفوز هو أن نستقل عن الخارج.»
واسمع قول النائب فون بسمارك-شونهاوزن ضد التصويت العام منذ ثماني عشرة سنة: «لا يصلح رطل من اللحم البشري والعظم البشري أن يكون قياسا.» ويجيب فينكه عن ذلك بقوله «أرواح!»
والآن بتلك الخبطة يشهر بسمارك الحرب على الألمان، والآن يقابل ذلك بالضحك، والآن أيجرؤ هذا الذي ساس بلاده سياسة غير دستورية مدة أربع سنوات وبلا ميزانية ومثل الطغاة؛ أن يسخر بالألمان بعرض أمر يعد دليل خوفه على العموم؟ ولو أعلنت كلمات ولي العهد التي نطق بها في تلك الايام لهتف لها جميع الناس، وهي: «ويلعب بسمارك بأقدس الأمور لعبا آثما، فلا ينبغي لوزير شديد الخصام مثله أن يحل المعضلة الألمانية»، ولم يعلم ولي العهد أن بسمارك في مذكرته التي كتبها ببادن سنة 1860 أوصى الملك بأن يجمع برلمانا ألمانيا! ويكتب تريتشكه، ويصفق له نصف ألمانية، قوله: «كلا، ثم كلا، فلا ينبغي لتلك الفكرة التي يحملها الألمان في صدورهم منذ سنوات كثيرة أن تبرز على مسرح السياسة العملية كالروح التي تدعى وقت الخطر، ولا ينبغي لتلك الفكرة أن تظهر في الميدان قبل أن تعد إعدادا ناضجا في بروسية بنظام وفي للدستور، ومستند إلى عزم الأمة الألمانية الثابت، وموجب لابتهاج الرأي العام الألماني! وما أشد ما اعترى الشعب من الحيرة تجاه هذا الانقلاب المفاجئ في الحكومة البروسية!»
وهكذا تبصر العاطفة الألمانية تطغو على العقل، والعقل يشير بقبول ما كان يطالب به منذ زمن طويل، وفيما كان جميع خياليي الألمان يبكتون فيقولون: «كلا، لا يجوز أن يسار على ذلك الأسلوب.» كان بسمارك قاهرا لنفوره من البرلمانات، سائرا وراء العقل.
ولكن أذني ذلك اللاشعبي لم يؤذهما ذلك بمقدار ما صدر عن فينة من دعوة إلى السلم؛ ففي ذلك الحقل أيضا حدث تحول مفاجئ نحو السلم، ومن ذلك الحقل يخرج اقتراح داع إلى نزع السلاح من قبل الفريقين، ويمرض بسمارك الذي أصيب بتوتر الأعصاب عند سماع ذلك، فلا يستطيع أن يخاطب الملك في ذلك إلا كتابة، وهنالك يقرر فيكتور إمانويل أن يبرز في الميدان تحت رعاية نابليون الثالث، وتجيب النمسة عن ذلك بإعلان النفير العام وجمع جميع جيشها، لا جمع جيش كاف لمواجهة إيطالية وحدها؛ وذلك لما علمته منذ زمن من وجود معاهدة سرية، وتعود إلى بسمارك عافيته في الحال، ويشير بإصبعه - متهما - إلى أولئك «المخادعين» في فينة، ويبدو الملك في المجلس الخاص حازما أكثر مما في كل وقت، ولا يتطلب قفزه أكثر من وخزه قليلا.
ألتمس منكم - يا صاحب الجلالة - أن تتفضلوا فتثقوا بأن مما يخالف مشاعري، وهذا ما أقوله عن إيمان؛ أن أحاول، ملحا، أي تأثير في قراراتكم المكرمة المطاعة حول مسائل الحرب والسلم، فأكتفي بترك الأمر إلى الله القادر حتى يلهم قلب جلالتكم إلى ما فيه سعادة الوطن، وذلك مع الدعاء لكم أكثر من تقديم نصيحة إليكم، وليس لي، مع ذلك، أن أكتم عن جلالتكم اعتقادي بأن خطب الحرب يغدو أشد خطرا فيما بعد، وفي ثلاثة أشهر على ما يحتمل، وفي أحوال أقل ملاءمة، إذا ما حافظنا على السلم في الساعة الراهنة، وما كانت السلم لتدوم بغير عزم الفريقين عليها، وإن رجلا - كخادم جلالتكم المخلص - اطلع على باطن السياسة النمسوية مدة ست عشرة سنة لا يشك في أن عداء فينة لبروسية صار عاملها السياسي وحافزها الرئيس، ولا يلبث هذا الدافع أن يتجلى بأشد مما هو عليه الآن عندما تصبح الأحوال أكثر ملاءمة لوزارة فينة مما هي عليه الآن، وسيكون أهم عمل تأتيه النمسة هو أن تصهر الأحوال بإيطالية وفرنسة في قالب أعظم مناسبة.
وهكذا تتوقف تعبئة الملك على تعبئة الدعاء والرب والإيمان، ويصيب بسمارك المحز، ويذكر الملك بأيام أولموتز حين تخاصم هو وإياه منذ ست عشرة سنة بسبب أولموتز، وترتعش يد الملك ولهلم عندما لاح له إذعانه للمرة الثانية، ويكتب قوله: «يمكنك أن تقول لمانتوفل، إنني أتنزل عن العرش من فوري إذا ما همس بروسي إلي بكلمة أولموتز!»
وبعد لأي يأمر الملك بالتعبئة في أول شهر مايو على وجه لا يعني الحرب، وتغادر أوغوستا برلين محتجة، ويصرح ولي العهد، الذي هو ضابط من درجة عالية، بأنه لا مسوغ لحرب يقتل الأخ فيها أخاه، فيضحي عليلا على ما يحتمل، ويلوح إمكان ضياع سيليزية وولاية الرين، وتشتاط الملكة الأيم البافارية الأصل غيظا، ويعارض الحرب بعض قدماء الضباط الذين حدثهم آباؤهم عن معركة الأمم، والآن حين اتفق بسمارك والملك على الحرب تبصرهما واقفين وحدهما، والآن يقول الملك لقارئه: «أعرف أن جميعهم ضدي، ولكنني سأستل سيفي على رأس جيشي مفضلا الهلاك على خضوع بروسية في هذه المرة!» والآن يقول بسمارك: «أعرف أنني ممقوت على العموم، ولكن الحظ متقلب تقلب رأي الناس، وأجازف برأسي وألعب لعبتي وإن أسفرت عن سوقي إلى المشنقة، ولن تبقى بروسية ولا ألمانية كما كانتا، ولا بد لهما من سلوك تلك السبيل، وصولا إلى ما يجب أن تكونا عليه، ولا تجد سوى هذه السبيل.»
أجل، إنه يخاطر برأسه، ويترصده سفاح، ويترقب خروج هذا الوزير البغيض من بيته حتى يغتاله، وفي اليوم السابع من مايو يغادر بسمارك منزله للمرة الأولى منذ المرض الذي ألم به قاصدا الملك، ويرجع إلى داره من زقاق أونتردن لندن الأوسط (تحت الزيزفون)، ويسمع إطلاق بضعة عيارات نارية عليه من مكان غير بعيد، ويلتفت بعنف فيرى شابا يكاد يعيد محاولته وينقض بسمارك عليه بسرعة البرق ويمسكه من معصمه بيده اليمنى ويمسكه من رقبته بيده اليسرى، ولكن الجاني إذ كان مزمعا على القتل تناول المسدس بيده اليسرى من يده اليمنى وأطلق عيارين ناريين آخرين من كثب؛ فأما العيار الأول فقد أخطأ هدفه وأصلى معطفه بفضل تجنبه المفاجئ، وأما العيار الآخر فيخيل إليه أنه بلغ غايته، ويجمع بسمارك قواه بعد ثانية ضعف وهز فقار فيداوم على إمساك الجاني من عنقه حتى مر عابر سبيل وجنديان فقبضوا عليه، ويبصر بسمارك مع الحيرة أنه لا يشعر بغير ألم قليل فيسير ماشيا إلى بيته حيث تنتظره حنة وبعض الضيوف لتناول الطعام معا.
Shafi da ba'a sani ba