ومعنى قوله تقدس ذكره :?ولن يخلف الله وعده? أي : لن يخلف الله وعيده لأنهم استعجلوه بالعذاب الذي هو وعيده ، والعرب تقول: وعدته الشر وأوعدته: بمعنى واحد ،ولا تقول في الخير إلا وعدته فقط, ويحقق ذلك قول الله عز وجل ذكره :?قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير? وقد قال بعض الناس :إن الإيمان مجرد لا يزيد ولا ينقص, وقال آخرون بأن الإيمان يزيد وينقص ما شاء على أن كل ما تهيأ فيه الزيادة تهيأ فيه النقص ، عن غير مثال من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولاعن الله سبحانه في ذلك ووجدت القرآن يدل على الزيادة وينطق بها ، ولم أجده يدل على النقص ولا ينطق به ، ومن أخذ بالقرآن فقال بما فيه فلج وفاز وأخذ بالوثيقة والإحتراز ، ومع ذلك فإن الإيمان على ما تقدم وصفنا أعمال العباد بما فرض الله عليهم التي يؤمنون بها أنفسهم من سخط الله ووعيده ، وأليم عقابه وعذابه.
أول تلك الأعمال : الإقرار والتصديق بالقلب واللسان ، فكل ما عمله العبد فهو مكتوب له عند الله مادام حيا عاملا ، ومعنى مكتوب : محفوظ ، قال الشاعر :
فعمل العبد يزيد كل يوم ولا ينقص ، إلا أن يرتكب كبيرة من معاصي الله فيكون غير مؤمن نفسه من سخط الله ووعيده ، ويحبط عمله كله ، فإن تاب بعد ذلك وأناب وأطاع الله ورسوله في جميع ما أمر به ونهى عنه ، أحبط الله سبحانه ما تقدم من معاصيه فأبطلها ، ورد عليه ما كان حبط من حسناته كما قلناه قبل.
وقد وصف الحكيم العليم في كتابه المبين أن الإيمان يزيد, ولم يصف أنه ينقص فقال الله سبحانه :?وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون? في أشباه لذلك يدل الله جل ذكره بها على أن الإيمان يزيد.
Shafi 15