Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Nau'ikan
هاجر من أفريقيا الهومو إريكتوس (الإنسان المنتصب)، الأهم والأنجح بين البشر الناشئين، وسكن البيئات المدارية في جنوب وشرق آسيا، واستقر في النهاية في أنحاء الدوائر الشمالية الأبرد في أوراسيا، من الجزر البريطانية حتى الصين. دماغ الإنسان المنتصب التي بلغ متوسط حجمها 650 سنتيمترا مكعبا تقريبا في أقدم الاكتشافات، زاد حجمها حتى وصلت إلى 1250 سنتيمترا مكعبا، يظل في الحد الطبيعي لمقياس إنسان العصر الحديث. كان الهومو إريكتوس هو من عبر في حسم الهوة الفاصلة بين البشرية وسائر عالم الحيوان.
أخيرا بدأ أول بشر العصر الحديث في الظهور في أفريقيا، منذ 250 ألف عام تقريبا، حاملين أدمغة عملاقة بحجم 1300 و1400 سنتيمتر مكعب؛ ثلاثة أضعاف حجم دماغ أشباه البشر الأوائل تقريبا. انتشر الهومو سيبيانز (الإنسان العاقل)، في أرجاء القارة الأفريقية، بينما هاجرت مجموعات أخرى من بشر العصر الحديث إلى أوروبا وآسيا. وضم نسلهم إنسان النياندرتال، الذي اصطاد الماموث الصوفي، ووحيد القرن الصوفي خلال العصور الجليدية الأخيرة والإنسان الحديث تشريحيا، الذي رسم رسومات جدران الكهوف الشهيرة في فرنسا وإسبانيا قبل التاريخ.
في فترة ما بين خمسة وعشرين ألفا وخمسة عشر ألف عام مضت، عبرت بعض قبائل الإنسان الحديث تشريحيا التي كانت تعيش في سيبيريا إلى ألاسكا، وانتشرت سريعا في جميع أنحاء أمريكا الشمالية والجنوبية، وأتمت الغزو البشري لكل قارات الأرض.
هكذا كان أشباه البشر الأوائل والبشر الناشئون والإنسان الحديث الثلاث جماعات السائدة خلال كل من المراحل الرئيسية في تطور البشرية. عاش أشباه البشر الأوائل ما يربو عن أربعة ملايين عام، وعاش البشر الناشئون نحو مليوني عام. ونحن البشر الحديثون بعقولنا «المتفوقة» سكنا هذه الأرض منذ ربع مليون سنة على أكثر تقدير؛ ثمن مدة البشر الناشئين، وسدس مدة أشباه البشر الأوائل. وأمام الإنسان الحديث طريق طويل قبل أن يتساوى مع أقدم أسلافه في طول البقاء.
ثمانية تحولات، عدة ثورات
رغم ظهور ثورات عديدة واختفائها على امتداد التاريخ البشري، لم تمر البشرية إلا بسبعة تحولات أو انسلاخات رئيسية. سميت بعض هذه التحولات ثورات (كثيرا ما يسمى التحول الخاص بالزراعة ثورة العصر الحجري الحديث، ويعرف التحول الخاص بالعلوم والصناعة على نحو شائع بالثورة الصناعية).
لكن تستخدم كلمة «ثورة» أيضا لوصف أي تغير مفاجئ وجذري في هيكل سلطة سياسية معينة أو في مجال ثقافي معين، وهو ما يشمل العلوم والتقنية والفن. أما التحول فيصف تغيرا جذريا في كل جوانب الثقافة والمجتمع؛ الغذاء، والسكن، والعلاقات الاجتماعية، والسلوك الاقتصادي، وحجم المجموعة والتقنيات والضغوط التطورية، بل والتشريح البشري ذاته. حدثت آلاف الثورات خلال تطور البشرية وتاريخها، لكن لم يقع سوى القليل من التحولات الحقيقية.
وقعت التحولات الثلاث الأولى منذ ملايين السنين فعليا بين مجتمعات قردة ما قبل التاريخ وأشباه البشر الأوائل والبشر الناشئين. أدت هذه التحولات إلى صناعة أسلحة فتاكة، وتطور وضع القامة كاملة الانتصاب والحركة على قدمين، وتوسع السلوك الجنسي وتعزيزه، والتحكم في النار، وصناعة الملبس والمسكن، واستحداث ذلك الابتكار الذي تفرد به البشر؛ الأسرة النواة أو المصغرة.
حدثت التحولات الثلاث التالية منذ آلاف السنوات، بين مجتمعات البشر الحديثين بيولوجيا. أدت هذه التحولات لاختراع اللغة، والتواصل بالرموز، ونشأة الهويات القبلية والعرقية، واستئناس النباتات والحيوانات، وميلاد الحضارات، وزيادة ضخمة في سكان الأرض من البشر.
وقع التحول السابع الذي أثمر عن الثورة الصناعية منذ عدة قرون فحسب، وقد وثق توثيقا جيدا بفضل كم هائل من المصادر التاريخية. وقد عزز هذا التحول التقني قدرة البشر على إطعام ذريتهم وحمايتها بدرجة كبيرة ، حتى إن الزيادة السكانية البشرية صارت الآن الخطر الأول المتربص ببيئة الأرض.
Shafi da ba'a sani ba