Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Nau'ikan
درس اختصاصيو علم الإنسان الثقافي عددا من مجتمعات الصيد وجمع الثمار القليلة التي ظلت باقية في القرن الحادي والعشرين دراسة متعمقة. وقد لاحظ اختصاصي علم الإنسان، ملفين جيه كونر، في دراسة مقارنة بين الثقافات لسن الرضاع والطفولة في ستة من مجتمعات الصيد وجمع الثمار الباقية أن الحرية الجنسية لدى الأطفال والمراهقين مقبولة اجتماعيا، وتمارس بوجه عام باعتبارها سلوكا طبيعيا بين الجنسين.
8
وقد وصف كونر التجارب الجنسية في قبائل البوشمان في جنوب أفريقيا بأنها تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة وتستمر طوال مرحلة الطفولة المتوسطة والمراهقة. ورغم أن الكبار لا يبوحون بقبولهم المداعبة الجنسية ويصدون عنها حين تصير صارخة، فإنهم يعدون الغريزة الجنسية لدى الأطفال والمراهقين أمرا عاديا، والأطفال الذين ينغمسون في سلوك جنسي على الملأ يوبخون، ولكن لا يعاقبون، بل في واقع الأمر يعتبر البوشمان النشاط الجنسي شيئا ضروريا من أجل سلامة الصحة العقلية، ويعتقدون أن الحرمان الجنسي في مرحلة المراهقة هو السبب الأرجح وراء الاعتلال العقلي .
كذلك أشار كونر إلى أن كلا الجنسين يمارسان الجنس علانية قبل الزواج لدى أقزام قبائل الإفيه والآكا في أفريقيا الاستوائية، حتى إنه في قبائل الإفيه يعد أول حيض للفتاة مناسبة للاحتفال العام، ولا يقدم أحد جديا على وضع قيود على النشاط الجنسي في فترة المراهقة. وقد صرح أحد فتية قبائل الإفيه بأن «الشباب يتغازلون ويجتمعون في حفلات الرقص من أجل ممارسة الجنس، وأن الفتاة من الممكن أن تعاشر عدة فتيان في اليوم نفسه بالتناوب بينهم.»
أما بين قبائل الهادزا في تنزانيا، فإن التجارب الجنسية تمارس علنا أثناء الطفولة أيضا، وممارسة الجنس قبل الزواج هو أمر روتيني وجزء متوقع من حياة المراهقين. وبين قبائل الأتشيه في باراجواي، يبدأ الفتيان والفتيات تجربة الجنس قرب سن الثانية عشرة، ويحتفل بالحيض الأول للفتيات في طقوس علنية للعبور والتطهير تضم كل الرجال الذين كانوا قد جامعوها. وأخيرا، بين قبائل الأجتا في الفليبين، لا يتوقع من الفتيات العفة قبل الزواج؛ إذ يستطعن ممارسة الجنس بيسر نسبي.
ولاحظ اختصاصيون آخرون في علم الإنسان نمطا مشابها من الحرية الجنسية قبل الزواج بين إسكيمو القطب الشمالي، حيث تتمتع الفتيات الصغار بحرية اختيار عشاقهن حسب رغبتهن، وحيث يشتهر الرجال المتزوجون بعرض زوجاتهم وبناتهم على الزوار والضيوف لممارسة الجنس معهن.
وأخيرا، كانت الفتيات بين السكان الأصليين الأستراليين يخطبن حتى قبل ولادتهن، ولكنهن كن يتمتعن بحرية جنسية لا بأس بها قبل وبعد الزواج.
9
وبالرغم من أن الرجال في هذه المجتمعات كان يتوقع منهم دائما أن يكونوا بالنضج الكافي لتوفير مصدر ثابت للغذاء قبل أن يتزوجوا، فإنهم كانوا يظلون أحرارا في مزاولة علاقات جنسية بقدر ما يستطيعون حتى ذلك الوقت، لكن مع وصول المستوطنين الأوروبيين إلى أستراليا حل النموذج الغربي بدرجة كبيرة محل الأنماط التقليدية من خطوبة في الطفولة وزواج قبل النضج الجنسي، حيث زاد رفض الفتيات للزواج من الرجال الذين «خصصن» لهن، ونادرا ما صرن يتزوجن قبل نهاية سن المراهقة؛ كي يصبحن قادرات على اختيار شركائهن.
غير أن الحرية الجنسية التي تمتع بها الشباب، رغم أنها ربما كانت مألوفة طوال حياة البشر في عصور ما قبل التاريخ، فإنها كانت ممكنة فقط في المجتمعات التي كان للنساء فيها حرية اختيار عشاقهن وأزواجهن. أما في المجتمعات التي مارست الزراعة لمدة طويلة - لا سيما المجتمعات التي كانت لوراثة الأرض فيها أهمية - كان اختيار الشريك ودوام الزواج مسألة لها أهميتها البالغة بالتأكيد.
Shafi da ba'a sani ba