ثم أتاه بعد أيّام، فقال: رأيت فيما يرى النائم كأنّ معي درهما بخيّا. قال: لست تمسي حتى تضرب ضربا وجيعا! فكان كذلك.
فسأله عن العّلة، فقال: الدرهم البغليّ مكتوب عليه بالفارسيّة: «خش بخر» ترجمة هذه الكلمة: «كل طيّبا» . والدّرهم البخيّ مكتوب عليه: «ضرب هذا الدرهم» . وهما مختلفان.
وأنشد الحكم بن عبدل أسماء بن خارجة شعرا ذكر [فيه] أنه رآه في المنام، فقال:
أغفيت قبل الصّبح نوم مسهّد ... في ساعة ما كنت قبل أنامها
فرأيت أنّك رعتني بوليدة ... مغنوجة حسن عليّ قيامها
وببدرة حملت إليّ وبغلة ... شهباء ناجية يصلّ لجامها
فدعوت ربّي أن يثيبك جنّة ... عوضا يصيبك بردها وسلامها
قال أسماء: كلّ ما رأيته في النوم فهو عندنا كما رأيت، إلّا البغلة فإنّها دهماء! قال: أعتق ما أملك إن كان رآها إلّا دهماء، ولكنّه غلط.
ومما اشتقّ من اسم البغل: «الدرهم البغليّ» . وفي بني تغلب «رأس البغل» وهو رئيس من رؤسائهم، وهو الذي كان إبراهيم بن هانىء الخليع نسب إليه.
وإذا كان الإنسان عظيم الرأس لقّبوه: «رأس البغل» .
والبغلات: جوار من رقيق مصر، نتاج ما بين الصّقالبة وجنس آخر، والواحدة منهنّ يقال لها: «بغلة»، ولهنّ أبدان ووثارة وحدارة «١» .
1 / 62