فولّيت مفلولا وطابقت مذعنا ... كما طابقت للبغل يوما حلائله
قال: وقدّموا إلى سليمان بن عبد الملك جديا سمينا، فقال لأبي السّرايا- وكان من مجانين الأعراب- كل من شحم كليته، فإنه يزيد في الدّماغ. قال: لو كان الأكل من كلي الجدي يزيد في الدّماغ، كان رأس الأمير أعظم من رأس البغل!.
وإنما قال «الأمير»، لأن سليمان كان يومئذ وليّ عهد.
وقد غلط من زعم أنّهم كانوا وضعوا قدّام سليمان جديا، وإنما كان يأكل ملوكهم الحملان، لأنّها هناك أطيب ويسمّونها:
«العماريس» .
ولمّا قدم عبد الملك بالكوفة، وضعوا بين يديه جديا، قال:
فهلا جعلتموه عمروسا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، تلك عماريس الشام؛ فأمّا العراق فجداؤها أطيب وأكرم.
وتفاخر ناس بكبر الأيور، وشيخ جالس لا يخوض معهم؛ فلما أكثروا قال الشيخ: لو كان كبر الأيور مجدا كان البغل من بني هاشم!.
وشهد مزبّد المديني عند قاضي المدينة بشهادة؛ وكان ذلك القاضي مفرط الحدّة، شديد البطش، سريع الطّيرة، فقال له القاضي: أعليّ تجترىء وعندي تشهد؟! جرّا برجليه وألقياه تحت البغلة! فلما أمعنا به نحو البغلة، التفت إلى القاضي فقال: أصلحك الله، كيف خلقها؟ فضحك وخلّى سبيله.
وكان نميلة بن عكّاشة النّميري متكايسا؛ فدخل دار بلال بن أبي
1 / 36