قد باع وربح. فظنّ أنّ قوله: قد نفق، من نفاق السّلعة.
ومثل هذا وليس من ذكر البغال في شيء، ما سمع رجل رجلا ينشد قوله:
وكان أخلّائي يقولون مرحبا ... فلمّا رأوني معدما مات مرحب
فقال: مرحب «١» لم يمت، قتله علي بن أبي طالب ﵇! ونظر أبو الحارث جمّين «٢» إلى أتان وحش ينزى عليها حمار أهليّ، فأنشد:
لو بأتانين جاء يخطبها ... رمّل ما أنف خاطب بدم
ونظر إلى برذون يستقى عليه الماء، فأنشد:
وما المرء إلّا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
هذا لو هملج «٣» لم يصبه ما أصابه.
قالوا: وكان لأبي الحارث بغل قطوف «٤»، فلما أعياه استقى عليه الماء؛ فرآه يوما في الطريق، وعليه مزادة ثقيلة، وهو يمشي تحتها مشيا وطيئا؛ فقال: لو مشي تحت الخفيف كما يمشي تحت الثقيل، وكان الإنسان أحبّ إليه من الرّاوية، ربح هو الكرامة، وربحت أنا الوطاءة! قال: ونظر أعرابيّ إلى بغل سقّاء، وقد تفاجّ ليبول، فاستحثّه
1 / 34