ما أنت فيه، وفرغه من الوسواس، وانظر بين يدي من تقوم، ومن تناجي، واستح أن تناجى أن تناجى مولاك بقلب غافل، وصدر مشحون بوساوس الدنيا وخبائث الشهوات.
واعلم أنه تعالى مطلع على سريرتك وناظر إلى قلبك، فإنما يتقبل الله من صلاتك بقدر خشوعك وخضوعك وتواضعك وتضرعك، واعبده في صلاتك كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
فإن لم يحضر قلبك ولم تسكن جوارحك لقصور معرفتك بجلال الله تعالى، فقدر أن رجلا صالحا من وجوه أهل بيتك ينظر إليك ليعلم كيف صلاتك، فعند ذلك يحضر قلبك وتسكن جوارحك، ثم ارجع إلى نفسك وقل: يا نفس السوء الا تستحين من خالقك ومولاك، إذ قدرت اطلاع عبد ذليل من عباده عليك، وليس بيده ضرك ولا نفعك خشعت جوارحك وحسنت صلاتك، ثم إنك تعلمين أنه مطلع عليك، ولا تخشعين لعظمته، أهو - تعالى - عندك أقل من عباده؟! فما أشد طغيانك وجهلكّ وما أعظم عداوتك لنفسك. وعالج قلبك بهذه الحيل فعسى أن يحضر معك في صلاتك؛ فإنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها، وأما ما أتيت مع الغفلة والسهو فهو إلى الاستغفار والتكفير أحوج.
فإذا حضر قلبك، فلا تترك الإقامة، وإن كنت وحك. وإن انتظرت حضور جماعة فأذن، ثم أقم.
فإذا أقمت فانو وقل في قلبك: أؤدي فرض الظهر لله تعالى، وليكن ذلك حاضرا في قلبك عند تكبيرك. ولا تغرب عنك النية قبل الفراغ من التكبير، وارفع يديك عند التكبير - بعد إرسالهما أولا - إلى حذو منكبيك وهما مبسوطتان، وأصابعهما منشورة، ولا تتكلف ضمهما ولا تفريجهما، بحيث تحاذى بإبهاميك شحمتى أذنيك، وبكفيك منكبيك، فإذا استقرتا في مقرهما فكبر، ثم أرسلهما برفق.
ولا تدفع يديك عند الرفع والإرسال إلى قدام دفعا، ولا إلى خلف رفعا، ولا تنفضهما يمينا ولا شمالا. فإذا أرسلتهما فاستأنف رفعهما إلى صدرك، وأكرم اليمنى بوضعها على اليسرى، وانشر أصابع اليمنى على طول ذراعك اليسرى، واقبض بها على كوعها.
وقل بعد التكبير: الله أكبر كبيرا، والحمدلله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ثم اقرأ: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. ثم قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم أقرأ الفاتحة بتشديداتها، واجتهد في الفرق ببين الضاد والظاء في قراءتك في الصلاة،
1 / 45