56

Farkon Mai Iya Kokari

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Bincike

فريد عبد العزيز الجندي

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Shekarar Bugawa

1425 AH

Inda aka buga

القاهرة

عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّهَا إِنْ غَسَلَتْ فَرَجْهَا بِالْمَاءِ جَازَ وَطْؤُهَا (أَعْنِي كُلَّ حَائِضٍ طَهُرَتْ مَتَى طَهُرَتْ) وَبِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: الِاحْتِمَالُ الَّذِي فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٢٢] هَلِ الْمُرَادُ بِهِ الطُّهْرُ الَّذِي هُوَ انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ أَمِ الطُّهْرُ بِالْمَاءِ؟، ثُمَّ إِنْ كَانَ الطُّهْرَ بِالْمَاءِ، فَهَلِ الْمُرَادُ بِهِ طُهْرُ جَمِيعِ الْجَسَدِ أَمْ طُهْرُ الْفَرْجِ؟ فَإِنَّ الطُّهْرَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَعُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يُقَالُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَعَانِي. وَقَدْ رَجَّحَ الْجُمْهُورُ مَذْهَبَهُمْ بِأَنَّ صِيغَةَ التَّفَعُّلَ إِنَّمَا تَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِينَ، لَا عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِمْ، فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَظْهَرَ فِي مَعْنَى الْغُسْلِ بِالْمَاءِ مِنْهُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي هُوَ انْقِطَاعُ الدَّمِ، وَالْأَظْهَرُ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ، وَرَجَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ مَذْهَبَهُ بِأَنَّ لَفْظَ يَفْعُلْنَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] هُوَ أَظْهَرُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي هُوَ انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ مِنْهُ فِي التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ. وَالْمَسْأَلَةُ كَمَا تَرَى مُحْتَمِلَةٌ. وَيَجِبُ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ لَفْظِ الطُّهْرِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] مَعْنًى وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ أَنْ يَفْهَمَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] لِأَنَّهُ مِمَّا لَيْسَ يُمْكِنُ أَوْ مِمَّا يَعْسُرُ أَنْ يُجْمَعَ فِي الْآيَةِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي مُخْتَلِفَيْنِ حَتَّى يُفْهَمَ مِنْ لَفْظَةِ ﴿يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] " النَّقَاءُ، وَيُفْهَمَ مِنْ لَفْظِ ﴿تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] " الْغُسْلُ بِالْمَاءِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمَالِكِيِّينَ فِي الِاحْتِجَاجِ لِمَالِكٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولُوا لَا تُعْطِ فُلَانًا دِرْهَمًا حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، بَلْ إِنَّمَا يَقُولُونَ: وَإِذَا دَخَلَ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا ; لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ هِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمَفْهُومِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى. وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] عَلَى أَنَّهُ النَّقَاءُ، وَقَوْلَهُ: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] عَلَى أَنَّهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لَا تُعْطِ فُلَانًا دِرْهَمًا حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، وَذَلِكَ غَيْرُ مَفْهُومٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَالِكَ مَحْذُوفٌ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ وَيَتَطَهَّرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، وَفِي تَقْدِيرِ هَذَا الْحَذْفِ بُعْدٌ أما، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: ظُهُورُ لَفْظِ التَّطَهُّرِ فِي مَعْنَى الِاغْتِسَالِ هُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا يُعَارِضُهُ ظُهُورُ عَدَمِ الْحَذْفِ فِي الْآيَةِ، فَإِنَّ الْحَذْفَ مَجَازٌ، وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَظْهَرُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَجَازِ، وَكَذَلِكَ فَرْضُ الْمُجْتَهِدِ هاهنَا إِذَا انْتَهَى بِنَظَرِهِ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يُوَازِنَ بَيْنَ الظَّاهِرَيْنِ، فَمَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَمِلَ عَلَيْهِ (وَأَعْنِي بِالظَّاهِرَيْنِ أَنْ يُقَايِسَ بَيْنَ ظُهُورِ لَفْظِ ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] فِي الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ وَظُهُورِ عَدَمِ الْحَذْفِ فِي الْآيَةِ) إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْمِلَ لَفْظَ ﴿تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] عَلَى

1 / 64