132

Farkon Mai Iya Kokari

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Editsa

فريد عبد العزيز الجندي

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Shekarar Bugawa

1425 AH

Inda aka buga

القاهرة

وَاخْتَارَ مَالِكٌ لِلْمَأْمُومِ تَسْلِيمَتَيْنِ وَلِلْإِمَامِ وَاحِدَةً، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ إِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ ثَلَاثًا: الْوَاحِدَةُ لِلتَّحْلِيلِ، وَالثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ، وَالثَّالِثَةُ لِمَنْ هُوَ عَنْ يَسَارِهِ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، فَذَهَبَ إِلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْإِفْرِيقِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ رَافِعٍ، وَبَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ» قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمُ أَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ ; لِأَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ انْفَرَدَ بِهِ الْإِفْرِيقِيُّ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ ضَعِيفٌ.
قَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَ أَثْبَتَ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ مِنْ طَرِيقِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ بِغَيْرِ التَّسْلِيمِ إِلَّا بِضَرْبٍ مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ وَهُوَ مَفْهُومٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَكِنْ لِلْجُمْهُورِ أَنْ يَقُولُوا إِنَّ الْأَلِفَ، وَاللَّامَ الَّتِي لِلْحَصْرِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ فِي كَوْنِ حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِضِدِّ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ اخْتَلَفُوا فِي الْقُنُوتِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ مُسْتَحَبٌّ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَنَّ الْقُنُوتَ إِنَّمَا مَوْضِعُهُ الْوَتْرُ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يَقْنُتُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَا قُنُوتَ إِلَّا فِي رَمَضَانَ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْهُ.
وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ: اخْتِلَافُ الْآثَارِ الْمَنْقُولَةِ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَقِيَاسُ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فِي ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ: (أَعْنِي: الَّتِي قَنَتَ فِيهَا عَلَى الَّتِي لَمْ يَقْنُتْ فِيهَا) قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَالْقُنُوتُ بِلَعْنِ الْكَفَرَةِ فِي رَمَضَانَ مُسْتَفِيضٌ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي دُعَائِهِ عَلَى رُعَلَ وَذَكْوَانَ، وَالنَّفَرِ الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مَا قَنَتُّ مُنْذُ أَرْبَعِينَ عَامًا أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا إِلَّا وَرَاءَ إِمَامٍ يَقْنُتُ. قَالَ اللَّيْثُ: وَأَخَذْتُ فِي ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا وأَرْبَعِينَ يَدْعُو لِقَوْمٍ وَيَدْعُو عَلَى آخَرِينَ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ ﵎ عَلَيْهِ مُعَاتِبًا: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨] فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُنُوتَ فَمَا قَنَتَ بَعْدَهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، قَالَ: فَمُنْذُ حَمَلْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ أَقْنُتْ، وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.

1 / 140