فأشار حسنين ناحية الخارج وقال متصنعا الدهشة: لقد فتح الباب لي رجل غريب ثم صرخ مرتعبا «بوليس» وأغلق الباب في وجهي!
فقهقه حسن عاليا وقال: حصل سوء تفاهم نادر، ولكني عرفت صوتك فانتهى الأمر بخير.
فوجد حسنين صعوبة قبل أن يقول متسائلا: وما الذي أخافه؟
فألقى عليه نظرة كأنما تسائله أيجهل حقا أم يتجاهل! ثم قال بعدم اكتراث: يوجد أناس كما تعلم يخافون البوليس!
فتساءل الشاب بإشفاق: أليس من الخطر أن تفتح أبواب بيتك لمثل هؤلاء؟!
فصمت حسن قليلا ثم قال: بلى، ولكن الإنسان ليس حرا في اختيار أصحابه!
فقال بدهشة: كيف هذا يا أخي؟! .. الإنسان حر بلا شك في اختيار أصحابه.
فقال حسن بلهجة من يرغب في تغيير مجرى الحديث: فلندع هذا جانبا، ولنختر حديثا ألطف! - لا أستطيع أن أدعه حتى أطمئن عليك.
فقال حسن ضاحكا: لا خوف علي، اطمئن! - إني أعجب لما يدعوك إلى مصادقة هؤلاء الأشرار .. أنت فنان محترم وتستطيع أن تختار من بين زملائك أحسن الأصدقاء.
وخفض حسن عينيه ليخفي نظرة التجهم التي لاحت فيهما. غضب الرجل، ولو ثار غضبه حيال شخص آخر غير حسنين لانفجر، ولكنه كظمه وعالجه بالحسنى، أغضبه شعوره بأن أخاه يعلم من أمره أكثر مما يتظاهر به، وأنه يعامله معاملة الأطفال، ولو أنه صارحه بذات نفسه، بل لو أنه وصفه بالشر كما وصف أصحابه لما غضب كما يغضب الآن. وعزم على أن يكشف القناع عن الحديث الكاذب، فقال باقتضاب وبصوت - رغم كظمه غضبه - غير الذي تكلم به من قبل: إني واحد من هؤلاء الأشرار!
Shafi da ba'a sani ba