Farkon da Karshen

Ibn Katir d. 774 AH
76

Farkon da Karshen

البداية والنهاية

Mai Buga Littafi

مطبعة السعادة

Inda aka buga

القاهرة

Nau'ikan

Tarihi
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي أوردها الماوردي. ورابعها الوقف وَحَكَى الْقَوْلَ بِأَنَّهَا فِي السَّمَاءِ وَلَيْسَتْ جَنَّةَ الْمَأْوَى عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ. وَقَدْ أَوْرَدَ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي سُؤَالًا يَحْتَاجُ مِثْلُهُ إِلَى جَوَابٍ فَقَالُوا لَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ ﷾ طَرَدَ إِبْلِيسَ حِينَ امْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ عَنِ الْحَضْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ عَنْهَا وَالْهُبُوطِ مِنْهَا وَهَذَا الْأَمْرُ لَيْسَ مِنَ الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُخَالَفَتُهُ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ قَدَرِيٌّ لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانَعُ وَلِهَذَا قَالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُمًا مَدْحُورًا ٧: ١٨ وقال فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها ٧: ١٣ وقال فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ١٥: ٣٤ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ أَوِ السَّمَاءِ أَوِ المنزلة وأياما كان فمعلوم أنه ليس له الكون قدرا فِي الْمَكَانِ الَّذِي طُرِدَ عَنْهُ وَأَبْعَدُ مِنْهُ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْمُرُورِ وَالِاجْتِيَازِ قَالُوا وَمَعْلُومٌ مِنْ ظَاهِرِ سِيَاقَاتِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ وَسْوَسَ لِآدَمَ وَخَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ لَهُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلى ٢٠: ١٢٠ وَبِقَوْلِهِ مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ. أَوْ تَكُونا من الْخالِدِينَ. وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ. فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ ٧: ٢٠- ٢٢ الْآيَةَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي اجْتِمَاعِهِ مَعَهُمَا فِي جَنَّتِهِمَا. وَقَدْ أُجِيبُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْمُرُورِ فِيهَا لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْرَارِ بِهَا أَوْ أَنَّهُ وَسْوَسَ لَهُمَا وَهُوَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. وَفِي الثَّلَاثَةِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الزِّيَادَاتِ عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ البصري عن يحيى بن ضَمْرَةَ السَّعْدِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ (إِنَّ آدَمَ لَمَّا احْتُضِرَ اشْتَهَى قِطْفًا مِنْ عِنَبِ الْجَنَّةِ. فَانْطَلَقَ بَنُوهُ لِيَطْلُبُوهُ لَهُ. فَلَقِيَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا بَنِي آدَمَ فَقَالُوا إِنَّ أَبَانَا اشْتَهَى قِطْفًا مِنْ عِنَبِ الْجَنَّةِ. فَقَالُوا لَهُمْ (ارْجِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ) فَانْتَهَوْا إِلَيْهِ فَقَبَضُوا رُوحَهُ وَغَسَّلُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَصَلَّى عليه جبريل ومن خلفه من الْمَلَائِكَةِ وَدَفَنُوهُ. وَقَالُوا. (هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ) وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِسَنَدِهِ. وَتَمَامُ لَفْظِهِ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاةِ آدَمَ ﵇. قَالُوا فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ الْوُصُولُ إِلَى الْجَنَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا آدَمُ الَّتِي اشْتَهَى مِنْهَا الْقِطْفُ مُمْكِنًا لَمَا ذَهَبُوا يَطْلُبُونَ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالُوا وَالِاحْتِجَاجُ بِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ ويا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ٢: ٣٥ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَهْدٌ يُعُودُ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَعْهُودُ الذِّهْنِيُّ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ فَإِنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنَ الْأَرْضِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ وَخُلِقَ لِيَكُونَ فِي الْأَرْضِ وَبِهَذَا أَعْلَمَ الرَّبُّ الْمَلَائِكَةَ حَيْثُ قَالَ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ٢: ٣٠ قَالُوا وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ ٦٨: ١٧ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لَيْسَ لِلْعُمُومِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْهُودٌ لَفْظِيٌّ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَهُوَ الْبُسْتَانُ. قَالُوا وَذِكْرُ الْهُبُوطِ لَا يَدُلُّ عَلَى النُّزُولِ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ١١: ٤٨ الْآيَةَ وَإِنَّمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ حِينَ اسْتَقَرَّ عَلَى الْجُودِيِّ وَنَضَبَ الْمَاءُ

1 / 76