بحث في صيغة أفعل بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية
بحث في صيغة أفعل بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية
Mai Buga Littafi
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Nau'ikan
ودحض حجتهم هذه أن القرآن الكريم هو الحجة في فصاحة اللغة وبلاغتها ولكن لاشك أنه لم يستوعب كل كلماتها، كما أنه لم يستعمل كل كلمة في معانيها اللغوية فإذا ترك كلمة ما لا يكون دليلا على عدم فصاحتها وكذلك إذا استعمل كلمة في معنى وترك بعض المعاني الأخرى لا يكون دليلا على حظر المعاني الأخرى ولقد جاء الفعل الثلاثي المجرد من هذه المادة في لغة العرب بمعاني غير القطع والقتل والذي يعنيني استعمال الثلاثي المجرد بمعنى الشعور وما يتصل به من العطف والتوجع قال الشاعر الجاهلي السفاح بن خالد التغلبي ١.
فَلَبَّيْتُ الصريخَ ولم يَرونا ... ولا حَسُّوا بنا حتى اعتلينا
فالمعنى فيه ولا شعروا بوجودنا حتى هجمنا عليهم، ومن ذلك قول الكميت بن زيد الأسدي
هل من بكى الدار راجٍ أن تحس له ... أو يبكى الدار ماء العبرة الخضل
فالفعل تحس بفتح التاء مضارع من الفعل الثلاثي المجرد فإذا فسرناه بمعنى ترق له وتعطف عليه فهو من معاني الشعور.
وأيضا حديث قتادة كما في اللسان ٢ "إن المؤمن ليحسّ للمنافق " أي يعطف عليه أو يتوجع له فبان بذلك ضعف الرأي الآخر الذي أنكر الثلاثي من هذه المادة وأن استعمال المصدر الذي هو الحس من الثلاثي والمصدر من المزيد هو الإحساس ويدل كذلك على أن كثيرا من الأفعال العربية يأتي الثلاثي المجرد والثلاثي المزيد بالألف بمعنى واحد أي أن فعل وأفعل بمعنى واحد وهو ما يقول به كثير من العلماء وأمثال الزجاج في كتاب فعلت وأفعلت ولذا كان قول ثعلب في كتاب الفصيح "والعامة تقول: حسست الشيء في أحسست وهو خطأ " دعوى من غير دليل.
أثمر:
وفي شفاء الغليل ص ٢١ أثمر يكون لازما وهو المشهور الوارد في الكتاب العزيز ولم يتعرض أكثر أهل اللغة لغيره: وورد متعديا كما في قول الأزهري في تهذيبه يثمر ثمرا فيه حموضه، وكذا استعمله كثير من الفصحاء كقول ابن المعتز:
وغرس من الأحباب غيبت في الثَّرى ... فأسقيته أجْفاني بسح وقاطرِ
فأثمر همًّا لا يبيد وحسرة ... لقلبي يجنيها بأيد الخواطر
_________
١ انظر الأنوار ومحاسن الأشعار ص٢٥٧.
٢ انظر اللسان (حسّ)، تصحيح الفصيح ج١ ص٢٩٨.
57 / 212