وقفت إلى أبعد بعيد داخل الرمل لا أجسر أن أرمق البحر.
أوليه ظهري.
أبقايا رعب؟
أم هو الخجل؟
أني هزمت وحدي.
وأن نصري جاء باستماتة الأصابع على الأصابع. •••
نظرت في الساعة.
كانت الرابعة ودقيقة.
الخدعة1
لا بد لكل مرة من أول مرة، وأول مرة كانت ليلا، وهناك قمر ينشر سلاما فضيا، والنبع صاف يتدفق ماؤه على مهل، وبخرير حنون، ولا تملك حين ترى الماء وقد ذاب فيه القمر، ذوبانا طازجا يحدث أمامك، وفي الحال، إلا أن تظمأ، وتحاول أن تشرب، أو على الأكل تتذوق، وملت بجسدي كله، ومددت يدي وما كادت القطرات المتلألئة الباردة تصل إلى فمي، ما كدت أستمتع بلذة التذوق الأول، حتى رأيت، بجوار صورتي المهتزة اهتزاز درجات الأبيض والأسود فيها، واهتزاز القمر، صورة رأس آخر، رأس طويل ممتد إلى الأمام وكأنما امتدت يد جذبت ملامحه كلها بعنف إلى خارج وجهه، رأس طويل ينتهي بشق عرضي واسع سعة لا حد لها، وكأنما لا يكفي هذا فأيضا شق بالطول، رأس جمل لا بد، بلا صوت، بلا ضجة، بلا حركة، فجأة كان الرأس، لم أذعر ولا صرخت، فقط التفت، لا لشيء إلا لأتأكد، كان قد ذهب القمر واختفى النبع والخرير ولا فضة، كنت وحدي وأمامي غير بعيد عني ذلك الرأس يطل علي من فوق، لا أرى له جسدا وإنما فقط رقبة، غليظة، طويلة، مقوسة، حادة من أسفل كأنها مخرطة، رقبة تنتهي من أمام برأس، ذلك الرأس، ولا جسد، والأغرب أني لا أعجب، ولا أتساءل كيف يمكن لرقبة أن تنبع من لا جسد، فهمي كله كان ذلك الرأس المطل علي من أعلى، فهو حتى لم يكن يطل علي، وكأنه لا يراني أو لست هناك بالمرة، وخوفي كان أن يراني فجأة، فينقض، ويعض، ولكن، أبدا، لا غضب في عينيه، لا انفعال، لا شيء، إنما عينان كبيرتان مستقرتان على الأمام، ولا شيء أمام.
Shafi da ba'a sani ba