أنا في شرك.
أنا الذي جاء يطرد من هنا الشيطان وتضاءلت طموحاته حتى أصبحت مجرد أن يبعد فقط عن نفسه الشيطان، وعن أوكاره وتنكراته، أجد نفسي هذا الفجر في الشرك، تماما في الشرك؟! أنا الذي أردت هزيمته في الناس أجري خوفا من أن يهزمني في نفسي.
ولكن عذري يا شيطان أنك كنت تعرف أين كنت أنا، ولم أكن أعلم أنا من أنت، ولا أين، وكم نقشوا على قلوبنا الأخطاء عنك حتى ارتسمت في أذهاننا دائما رجلا بشعا، ولم يفكروا أن يقرنوك بالجمال مرة، مع أنك لا يحلو لك التربص إلا محاطا بالجمال، وإلا على هيئة ست، وإلا في أكثر الأماكن نعومة وإمتاعا وفي أحلى البسمات، بل أحيانا في النكتة، في أروعها تنصب الشباك.
عدت.
ما رأيته محوته من ذاكرتي كأن لم يكن؛ في عقلي أطفأت نور النافذة، وألغيت الحجرة والشارع والبيت، بل الحي كله ألغيته، فلتكن حربا إذن ولتندحر.
يا رب.
استنكرت أن أكون قائلها، ما هكذا تعودتها وتعودتني. بعد التسابيح الخاشعة فجأة أطلقها، حادة، مدببة، لا نهاية لطولها، تقطع في ومضة كل ما بين الأرض والسماء، لتصل إليه في الملأ الأعلى ... من أعماقي تخرج وإلى السماء تصعد، مستحيلة من شيء أرضي إلى كائن سماوي، أطلقها قوية لتحمل كل ضعف البشر، كل عجزهم ومحدوديتهم تستغيث بالقادر اللامحدود.
هذه المرة خرجت همسا، لهاثا، مكبلة بالعجز، لا لتصل إلى السماء وإنما لتتهاوى من فوق المئذنة وعلى الأرض تموت.
خائف أنا، أنا خائف، لا من الشيطان خائف، من نفسي أخاف؟ من نفسي، أجل؛ كم مرة ضبطتها من شكوى المحرومات أو الفاسقات تصغي بانتباه واندماج أكثر مما يجب! كم مرة ضبطت داخل نظرتي شعاعا من حب استطلاع مرة ومن تلمظ الجائع الصائم الراغب في الطعام مرة!
يا رب.
Shafi da ba'a sani ba