قلت وأنا أستخرج من حقيبتي المظروف الذي يضم نسخة من مخطوطة كتابي: ماذا أفعل إذا كنت قد أحببت اللهجة اللبنانية؟
تناولت مني المظروف بأصابع مستقيمة ذات أظفار طويلة مصبوغة بلون بشرتها ووضعته على الطاولة قائلة: ماذا تشرب؟ قهوة أم شيئا باردا؟ - قهوة. - مرة أم على الطريقة المصرية؟
قلت وعيناي على شفتيها: كما ستشربينها أنت.
نهضت واقفة في حركة رشيقة. ومضت إلى مكتبها فانحنت فوقه معطية ظهرها لي. ضغطت زر جهاز ديكتافون، وتحدثت فيه بصوت شبه هامس.
لم أرفع عيني عن ردفيها المشدودين المتناسقين. والتقت عيوننا عندما استدارت فجأة وخطت عائدة إلى الكنبة، ولمحت في عينيها ظل ابتسامة خفيفة.
انضمت إلي على الكنبة الملاصقة، ووضعت ساقا على ساق وهي تقول: حكى معي عدنان مرة أخرى اليوم. وهو يعتذر إليك بشدة عما سببناه لك من إزعاج. وقد فوضني التصرف في أمر كتابك. - أصبح مصيري بين يديك.
ضحكت وقالت: ليس إلى هذه الدرجة.
قلت: هل تعرفين أنني رأيتك منذ أيام؟ - أين؟ - نسيت اسم المكان، مقهى قرب الجامعة الأمريكية. كانت معك سيدة في فستان أسود. - آه .. هذه صديقتي.
أحضرت السكرتيرة القهوة في صينية صغيرة من الفضة ثم انصرفت. ورفعت فنجاني إلى شفتي وابتلعت رشفة من القهوة المرة، بينما كانت عيناي تجريان على ساقي لميا حتى قدميها المتناسقتين، وأظفارها الطويلة، الممتلئة.
لحظت اتجاه نظراتي، فحولت عينيها إلى قدميها. وفي هذه اللحظة دق جرس التليفون، فنهضت من جديد. وسارت إلى مكتبها ثم دارت حوله بحيث واجهتني. رفعت سماعة التليفون إلى أذنها وأنصتت لحظة ثم ضغطت زرا في الجهاز. وقالت بنفس الصوت الهامس: هالو.
Shafi da ba'a sani ba