شعرت بعد الأكل بالرغبة في شيء من الراحة. لكني تحاملت على نفسي وارتديت ملابسي وغادرت المنزل.
أقلتني سيارة أجرة إلى مكتب أنطوانيت. ورافقني أحد المسلحين إلى غرفتها، فوجدت معها رجلا ربعة في الخمسين، احتل مقعدا مجاورا لمكتبها.
قدمتني إليه ثم قالت: أبو نادر، رئيس دائرة السينما بالمنظمة، لعلك سمعت عنه.
صافحته بحرارة وأنا أقول: من لم يسمع عنه؟!
كانت العملية الفدائية التي قادها وسط تل أبيب من القصص التي تروى. وقد قبض عليه الإسرائيليون بعدها وحكموا عليه بالإعدام، لكنه تمكن من الفرار بعد أن أصيب إصابة بالغة أقعدته عن الحركة مدة طويلة.
جلست في مواجهته، وواصل هو حديثا سابقا مع أنطوانيت: الحركة في الملعب أصبحت محدودة، غدا ستثبت لك الأحداث قولي، أنت تعرفين نبوءاتي وكيف تتحقق. إنه شيء كالحدس. هل حكيت لك عن عملية تل أبيب؟
أطرقت برأسها، لكنه واصل الحديث متوجها إلي: كان أمامنا جندي إسرائيلي يحمل مدفعا رشاشا. وكانت يده على الزناد، مستعدا لإطلاق النار في أية ثانية. لكني شعرت أنه لن يفعل، وتقدمت منه في ثبات حتى لمست فوهة المدفع صدري، ثم مددت يدي وأخذت المدفع.
غير الموضوع فجأة، وقال لي: كيف حال مصر؟ لقد زرتها مرة واحدة في الثامنة والستين وقابلت جمال عبد الناصر. وكان المفروض أن أذهب مرة أخرى في السبعين، لولا الروس.
تساءلت مدهوشا: كيف؟ أقصد لماذا؟
ابتسم وقال: في أول عملية فدائية لي تسللنا إلى الأرض المحتلة من الأردن. هل تعرف من الذي أطلق علينا النار؟ الأردنيون. يومها قلت للإخوة: مصيبتنا ستأتي دائما من أصدقائنا لا من أعدائنا.
Shafi da ba'a sani ba