قال: الاحتمالات واسعة؛ فربما كان من عملاء المكتب الثاني وتمرد فأرادوا تأديبه، وربما قاموا بالأمر كله بالعمولة أي لمصلحة جهة ما.
كنت أصغي إليه وأنا أتأمل ذات البلوزة الزرقاء. طالعني وجه مستطيل ذو بشرة نضرة، وأنف مستقيمة، وشفتين ممتلئتين. وكان شعرها فاحم السواد مرسلا فوق ظهرها.
استطرد وديع: منذ عشر سنوات لم يكن العمل يستقر بعدنان في مكان أكثر من شهر أو شهرين ثم يفصلونه؛ فقد كانت أفكاره ثورية. ثم تزوج لميا. وهي من أسرة عريقة وإن لم تكن شديدة الثراء. ونجح الاثنان في جمع ثروة طائلة تقدر بملايين الليرات.
وضعت ذات البلوزة الزرقاء ساقا على ساق، فانحسرت جوبتها عن استدارة جذابة، وجانب من فخذ مشدود، كانت تتكلم بصورة متصلة ورفيقتها تصغي باهتمام، ثم كفت عن الحديث وانصرفت إلى تأمل يدها المبسوطة فوق المائدة. ولمحت يد رفيقتها تستقر فوقها في لمسة طمأنة وود.
انتبهت إلى صوت وديع: البترول هو الذي رفع عدنان؛ فقد مكنه من أنه ينتقل من الكتب إلى المطابع والأفلام والشرائط. لكنه موهوب أيضا.
نهضت المرأة واقفة فكشفت عن قامة ممشوقة تعلوها رقبة طويلة، وألقت على كتفيها صديرية ذات كمين طويلين تدليا بجوار ساعديها العاريين، وعبرت القاعة في خطوات ثابتة وخيلاء غير متعمدة، وتبعتها زميلتها التي بدت أكبر منها في السن. كان وجهها جذابا رغم ما به من ملامح رجولية أكدها خلوه من أي أثر للزينة.
تتبع وديع اتجاه نظراتي، وإذا به يضع يده فجأة على يدي ويهتف بصوت خافت: هناك مثل لبناني يقول: إذا جبت سيرة الديب لازم تحضر القضيب. لميا.
نظرت إليه في تساؤل، فأضاف: لميا الصباغ، زوجة عدنان. - ذات الملابس السوداء؟ - لا، الأولى الطويلة.
قلت وأنا استعد للقيام: إذن تكلمها.
لم يتحرك من مكانه وهز رأسه قائلا: مثل لميا لا يكلمها أحد في الشارع هكذا. لا بد أن تتصل بها أولا عن طريق التليفون. الصباح رباح.
Shafi da ba'a sani ba