جلست في المقعد الملاصق لحافة مكتبها الأمامية، ورأيت أنها مشطت شعرها إلى الخلف، وجمعته داخل أنشوطة. وكانت ترتدي بلوزة حريرية، وردية اللون، بلا أكمام، وجوبا واسعة من نفس اللون، وتبينت على الفور أنها لا ترتدي مشدا.
لحظت اتجاه نظراتي فتضرج وجهها وقالت: الشمس اليوم قوية، مبسوط يا بيه؟
رويت لها ما وقع لي من أحداث، وضحكنا سويا على قصة كارلوس.
سألتها: ما هي أخبار الكتاب؟
أجابت على الفور: أعجبني جدا، وسنأخذه. متى تسافر؟ - حجزت في طائرة الجمعة. - سأجهز عقدك اليوم. - والمصاري؟ - بمجرد أن توقع تقبض.
جذبت بعض الأوراق وقالت: هل يمكن أن تنتظرني قليلا؟ اشرب القهوة واقرأ الصحف حتى أنتهي.
جاءت السكرتيرة بالقهوة. وتناولت إحدى الصحف. كان صدرها موزعا بين أخبار مؤتمر القمة العربي في عمان، وحملة اعتقالات جديدة ضد الفلسطينيين هناك، وحديثي السادات اللذين استمعت إليهما بالأمس. وكانت هناك إشارة لحديث ثالث إلى التليفزيون الدنماركي يقول فيه بالنص: «ثبت أن الله يعدني لمهمة معينة».
قلبت الصحيفة فطالعتني على الصفحة الأخيرة صورة لصبي في حوالي السابعة من عمره، ذي وجه وسيم وعينين واسعتين، يتوسط زميلين له خلف مكتب بحجرة دراسة، التقطت الصورة من الأمام وعلى مستوى منخفض، فظهرت سيقان التلاميذ الثلاثة، وحقيبة كتب أحدهم فوق الأرض. وكان كل منهم يضع ساقا فوق الأخرى، كاشفا عن جوربه وحذائه، ما عدا الصبي الوسيم الذي وضع طرف قلمه في فمه متأملا في وجوم؛ فقد كانت ساقه اليسرى، الملقاة فوق اليمنى، تتألف من رجل بنطلون فارغة.
كان المقال المرفق يتحدث عن الأطراف الصناعية بمناسبة العام الدولي للمعاقين. وقرأت أن سوق الأطراف الصناعية في لبنان ازدهر أخيرا رغم الصعوبات التي تواجهها؛ فالتقدم الذي تحقق في صناعتها، جعل الأغنياء وحدهم هم القادرون على الاستفادة منها. بينما الغالبية الساحقة من المصابين في لبنان، من الفقراء المعدمين.
وأسفل صورة الصبي، قرأت هذا التذييل: «الطرف الصناعي ليس كما يعتقد الناس مثل الطرف الطبيعي، لكنه وسيلة مساعدة على القيام ببعض الحركات المهمة.»
Shafi da ba'a sani ba